الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيسبوك والميول الصحفية

2 فبراير 2014 22:14
تحمل الميول الصحفية لمواقع التواصل الاجتماعي جديداً كل يوم، لدرجة بات من المشروع معها التساؤل إذا كان أرباب الإعلام قد وضعوا في اعتبارهم فعلا احتمال تحول مواقع التواصل الاجتماعي شيئاً فشيئاً، وبكل معنى الكلمة، إلى مؤسسات صحفية إخبارية منافسة (كي لا نقول بديلة). هذا الأمر لا ينطبق فقط على الميول الإخبارية والصحفية لموقع التغريد تويتر، بل سيبدأ ينطبق على عملاق التواصل فيسبوك. وهذا الأمر لا يعني فقط أن تترك هذه المواقع فضاءها الافتراضي للمستخدمين ليفعلوا بها ما يشاؤون، بما في ذلك نشر الأخبار المهنية والأخبار الشعبية (والإشاعات كذلك)، والترويج للمؤسسات الإعلامية التقليدية ومحتوياتها، بل يعني أيضاً أن تتولى شركات مواقع التواصل الاجتماعي نفسها مزاولة النشاط الصحفي مباشرة، بحيث لن يكون بعيداً أو مستبعدا ذلك اليوم الذي تغيّر فيه (ولا نقول تلغي أو تزيل) هذه الممارسات الجديدة طبيعة وهوية وكالات الأنباء أو الصحف. وبعد إطلاقه المتوقع اليوم لتطبيق «بيبر» (وترجمتها الفعلية الصحيفة الورقية علماً بأن لا شيء فيها من الورق)، من غير المستبعد، على سبيل المثال، أن يبدأ عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك، أو عملاق تشارك الصور، شقيقه انستجرام، بالبحث عن صحفيين ومراسلين ومصورين ميدانيين، تماماً كما تفعل المؤسسات الصحفية التقليدية، لكن مع فارق واحد وهو أن شبكات التواصل على الإنترنت لن تتردد في تقديم مغريات مجزية للصحفيين والمصورين المتميزين. فقد باتت هذه الشبكات تتمتع بقدرة كبيرة على ذلك، خلافا للصحف ووسائل الإخبار التقليدية. إن فيسبوك لن يكون عليه مثلا البحث عن موارد مالية جديدة لتغطية كلفة النشاط الصحفي، إذ لديه ما يكفي من مليارات الدولارات وعوائد الإعلانات والخدمات الأخرى المجزية، وهو يتأقلم أكثر فأكثر مع السوق، بدليل قيمة أسهمه في بورصة الولايات المتحدة الأميركية. صحيح أن تطبيق «بيبر» سيبدأ حاليا على الأجهزة المحمولة، وصحيح أن فيسبوك عقدت شراكات تعاون مع صحف ومجلات عريقة لتوفير محتويات لهذا التطبيق، لكن الصحيح أيضاً أن على أرباب صناعة الإعلام والأخبار الانتباه –للمرة الألف- إلى أن دباً كبيراً، بل مجموعة دببة، تعمل بالمعادلات الرياضية الخوارزمية و«الأتمتة» الرقمية قد دخلت بستانهم، وبإرادتهم، وهم لم يكونوا سوى مستجيبين لها، أو على الأكثر مجرد شركاء قد تستخدمهم جسرا مؤقتا قبل العبور الكبير إلى عالم صناعة الأخبار. ليس معنى هذا أننا نعتبر فيسبوك أو باقي مواقع التواصل الاجتماعين من المعتدين أو العدائيين، بل معناه شيئاً واحدا وهو أن صناع الأخبار المهنيين، التقليديين، قد غرقوا بما يكفي في الميول الانهزامية، وقريباً جدا ستظهر نهائيا حقيقة معدنهم: فإما أن يتقبلوا مزيدا من الهزيمة، أو أن يغضبوا ويستجيبوا للتحدي الرقمي وتحدي مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة تكفي استفزاز روح صحفية مبتكرة، تنقلهم من موقع رد الفعل إلى موقع الفعل. وتوقف زحف هذا الموت البطيء نحوهم وبإراداتهم أحيانا. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©