السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دعم مجري مكشوف لروسيا

10 نوفمبر 2014 22:10
انحازت المجر، هذه الدولة المحورية المهمة في حلف «الناتو»، إلى الرئيس الروسي فلادمير بوتين عندما قررت مساعدته على تنفيذ مشروع ضخم لتمديد خط أنابيب لنقل الغاز يخترق دول الاتحاد الأوروبي ويصل حتى الولايات المتحدة وتبلغ تكلفته الإجمالية نحو 70 مليار دولار. وبات من الواضح أن المجر، تحت حكم رئيس الوزراء الحالي، فيكتور أوربان، تعمل منذ عدة أشهر وبشكل متزايد، على دعم السياسة الروسية عن طريق عقد صفقات ضخمة مع موسكو وتوجيه الانتقادات اللاذعة للإجراءات العقابية الغربية التي تم فرضها على روسيا. وهذا الانحياز المفاجئ من جانب المجر إلى موسكو، أصبح واضحاً للعيان، خاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة الذي يستأثر بمخاوف الأوروبيين وذلك بسبب ما سبق لروسيا أن فعلته في السابق وما يمكنها أن تفعله الآن وفي المستقبل. وكانت أحدث أخبار هذا التقارب قد تجلّت في القرار الذي اتخذته المجر، يوم الاثنين الماضي، بالموافقة على تمديد خط «ساوث ستريم» للغاز، الذي يعدّ من بنات أفكار فلادمير بوتين، ويهدف إلى وضع حدّ نهائي لمرور صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا. وعلى خلفية الإجراء الروسي الاستفزازي بضم شبه جزيرة القرم، والانتهاكات المسلحة التي قام به الجيش الروسي في القطاع الشرقي من أوكرانيا، عمدت أوروبا إلى وقف العمل بذلك المشروع. وتبدي أوروبا قلقها من احتمال تعارض المشروع مع القانون الأوروبي لمنع الاحتكار، كما تساورها الخشية من أن يؤدي المشروع إلى زيادة الاعتماد على الغاز الروسي. ويهدف مشروع «ساوث ستريم» إلى ضخ الغاز من روسيا عبر أنبوب يمر تحت البحر الأسود ويخترق بلغاريا وصربيا وسلوفينيا والمجر ثم النمسا. وهو يضمن تأمين أنبوب بديل للغاز الروسي الذي يمر عبر أوكرانيا. وخلال هذا الأسبوع، ناقش البرلمان المجري مشروع قرار يقضي بتجاوز الاعتراضات الأوروبية، وفسح المجال أمام إطلاق العمل ببدء تمديد خط الغاز الروسي الجديد بمساهمة شركات رائدة في مجال صناعة الطاقة، على رأسها «غازبروم» الروسية الحكومية العملاقة، و«إيني» الإيطالية، وشركة EDF الفرنسية، و«وينتيرشال» الألمانية. ومنذ وصول «أوربان» إلى السلطة، عمد إلى انتقاد الدول الغربية، وأخذ يشيد بدول «استبدادية» تمتد من روسيا حتى الصين، باعتبارها تمثل نموذجاً يُحتذى به بالنسبة للمجر. وقال دافيد كوراني المستشار السابق للحكومة المجرية: «بات الانحياز المجري إلى الروس فيما يتعلق بقطاع الطاقة واضحاً». ولقد أثار الدعم المجري لمشروع «ساوث ستريم» موجة من الاستياء في الاتحاد الأوروبي. ووجه الاتحاد إلى المجر مذكرة يطلب فيها توضيحاً لهذا الموقف. ولم تقف الولايات المتحدة موقف المتفرج من هذا التطور، بل وجه مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً لبودابست حول «الغباء المطبق» الذي ستقع فيه لو واصلت اعتمادها على الإمدادات الروسية من مصادر الطاقة. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة والمجر يسودها توتر شديد دفع واشنطن إلى سحب سفيرها من هناك قبل عدة أشهر ولم يعد إلى بودابست حتى الآن. وقال كوراني: «يتعمق الاعتقاد لدى أوربان يوماً بعد يوم بأن تعزيز العلاقات في قطاع الطاقة مع روسيا يمثل للمجر ضمانة في مجال الطاقة أفضل من تلك التي ينطوي عليها التعاون مع الاتحاد الأوروبي». ويقول الخبراء، إن أوربان مهتم جداً بالحصول على العوائد المالية لمرور الغاز الروسي عبر المجر أثناء تصديره إلى أوروبا. وسبق للعديد من الدول أن جنَت أموالا طائلة من مرور أنابيب نقل مصادر الطاقة عبر أراضيها. وفي عامي 2006 و2009، عندما قطعت روسيا إمدادات الغاز بسبب خلافها مع أوكرانيا حول تسعيرة الغاز المستهلك، علقت أوروبا على الموقف بالقول، إن أوكرانيا وضعت نفسها تحت رحمة عوائد مرور أنبوب الغاز الروسي عبر أراضيها لتغطية احتياجاتها المالية، ما أدى إلى معاناة ملايين الأوكرانيين من الفقر ونقص موارد الرزق. ويرى آخرون أن المشاريع التي تقدر تكلفتها بمليارات الدولارات مهمة جداً؛ لأنها تمثل للقادة السياسيين المجريين فرصة لاستعادة ثقة الشعب وولائه بعد أن عمت البلاد موجة من الاحتجاجات على الفساد المستشري في البلاد. وخلال الشهر الماضي، حظرت إدارة أوباما دخول ستة مسؤولين حكوميين مجريين بسبب تورطهم في قضايا فساد. كيث جونسون * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©