إعداد - محمد عبدالرحيم:
دفعت شركة تتاجر في النفط وتتخذ من هولندا مقراً لها مبلغ 197 مليون دولار من أجل تأمين إطلاق سراح ثلاثة من مدرائها التنفيذيين في أحد سجون ساحل العاج من أجل تسوية الادعاءات التي تشير الى أنها عمدت الى دفن نفايات سامة أدت الى مقتل 10 أشخاص على الأقل في الدولة الغرب الأفريقية· وقد ذكرت ''جرين بيس'' وجماعات حماية البيئة الأخرى ان هذه القضية إنما تعتبر مثالاً للكيفية التي أصبحت تستغل فيها القارة الأفريقية بشكل روتيني كمستودع للتخلص من النفايات الخطرة للدول الغنية·
وكما ورد في صحيفة ''انترناشيونال هيرالد تربيون'' مؤخراً فإن شركة ''ترافيجيورا بيهير'' استمرت تنكر أنها أقدمت على ارتكاب أخطاء مشيرة أن النفايات التي تم تفريغها من إحدى السفن في ميناء ايفوري كوست في أبيدجان في أغسطس الماضي لا تتضمن أي نوع من السموم· إلا أن تقريراً للأمم المتحدة خلص الى أن الشحنة تنطوي على كيماويات تحمل تركيزاً ودرجة عالية من المواد المهلكة· وكذلك فإن الحكومة الهولندية ما زالت تجري التحقيقات عما إذا سيسمح للسفينة ''بروبو كوالا'' بمغادرة ميناء أمستردام بعد أن اكتشفت السلطات أن الشحنة كانت كبيرة الحجم بشكل غير متوقع وضارة بالصحة· وكانت السلطات في ساحل العاج قد ذكرت في الأسبوع الماضي ان شركة ترافيجيورا وافقت على دفع مبلغ 197 مليون دولار للحكومة من أجل تسوية النزاع والحصول على الإفراج عن مدرائها التنفيذيين· كما أكدت الشركة من جانبها في تصريح أعلنت فيه ان المدراء التنفيذيين قد تم إطلاق سراحهم من سجن في أبيدجان الذي احتجزوا فيه منذ تاريخ 18 سبتمبر ·2006 وجاء الإعلان الذي أوردته الشركة ''ان كلاً من شركة ترافيجيورا وحكومة ساحل العاج ترفض بشكل مؤكد تحمل أي مسؤولية عن الأحداث التي وقعت في أغسطس، ولكن الشركة بالطبع تتحمل الدور الاجتماعي المناط بها بجدية كأحد اللاعبين في السوق العالمية وترغب بذلك في تقديم الدعم والإسناد المالي للحكومة من أجل توفير وضع صحي أفضل لمواطنيها''·
وذكرت الشركة أيضاً ان جزءاً من المبلغ سوف يستخدم لتمويل التحقيقات البيئية المستقلة التي ''سوف تتم بشأن دور جميع الجهات المتورطة''، وما زال من غير المعروف الكيفية التي يمكن أن تعتبر فيها هذه التحقيقات ''مستقلة'' في الوقت الذي تقوم في الشركة بتمويلها· إلا أن جزءاً من مبلغ التسوية سوف يذهب أيضاً الى تشييد محطة جديدة للتخلص من النفايات وبناء مستشفى طبي كما ذكرت الشركة· أما رئيس ساحل العاجل لورنت جباجبو فقد صرح من جانبه قائلاً: ''أعتقد أنها تسوية جيدة لأنها تسمح للحكومة بتعويض الضحايا''· ويذكر أن شركة أخرى في هولندا كانت قد وافقت أولاً على التخلص من هذه النفايات مقابل 15,500 دولار ولكن شركة ترافيجيورا رفضت الدفع بعد أن قامت تلك الشركة بزيادة المبلغ المطلوب الى 650 ألف دولار· وبذلك فقد غادرت السفينة ''بروبو كوالا'' ميناء أمستردام لتبحر الى استونيا لترفض عرضاً بالتخلص من النفايات مقابل مبلغ 260 ألف دولار· ثم اتجهت الشركة الى أفريقيا حيث اهتدت الى شركة محلية في ساحل العاج تدعى ''تومي'' والتي وافقت على التخلص من النفايات بسعر مماثل للسعر الأصلي (15 ألف دولار فقط)· وأشارت شركة ترافيجورا الى أن الشركة المحلية تمتلك كافة الأوراق والوثائق الرسمية الحكومية التي تخول لها القيام بعمليات التخلص، إلا أنها تفتقد الى المرافق المناسبة·
بيد أن عدداً من الشهود والمسؤولين في ساحل العاج ذكروا بأن عشرات الشاحنات التي تعاقدت فيها شركة ''تومي'' عمدت ببساطة الى تفريغ أكثر من 528 طنا من النفايات في 17 موقعا عاما حول مدينة أبيدجان في منتصف ليل التاسع عشر من أغسطس الماضي قبل أن يصحو آلاف الأشخاص على رائحة مركزة ومتعفنة أشبه برائحة البيض الفاسد وسرعان ما هرع الجميع للمستشفيات طلباً للمساعدة من أعراض مثل نزيف الأنف والتهاب حاد في العيون قبل أن يودي بحياة عشرة أشخاص على الأقل· على أن شركة ترافيجيورا سارعت تشير الى أن النفايات التي تم تفريغها ليست سوى مواد روتينية تسربت جراء قيامها بتنظيف وغسل خزاناتها النفطية بما في ذلك من مادة الصودا الكاوية التي تستخدم عادة كعنصر في عمليات التنظيف بالإضافة الى فضلات المواد البتروكيماوية بالإضافة الى فضلات المواد البتروكيماوية المتخلفة· إلا أن التحقيقات اللاحقة كشفت عن ان البقع المتخلفة على الأرض ملوثة بكبريتات الهيدروجين وهو مادة سامة خاصة داخل الساحات المغلقة ويمكنه التسبب في حالات الإغماء وفشل التنفس ثم الوفاة·
وفي نهاية المطاف قامت إحدى الشركات الفرنسية المتخصصة بتنظيف هذه المواقع ومعالجة النفايات قبل أن يتم ترحيلها الى مصنع الشركة في فرنسا للتخلص منها· إلا أن محكمة بريطانية وافقت في هذا الشهر على الاستماع الى قضية رفعها شركة ليج واي القانونية ضد شركة ترفيجيورا تختص بوجوب دفع تعويضات للمواطنين المتأثرين بأضرار من هذه النفايات والذين تتراوح أعدادهم ما بين 4 الى 5 آلاف شخص من القاطنين في أبيدجان العاصمة والمناطق المحيطة بها·
عدد اليوم
