الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تليفوني» فيلم إماراتي يعتمد تقنية «الآيفون» في تصويره

«تليفوني» فيلم إماراتي يعتمد تقنية «الآيفون» في تصويره
29 أكتوبر 2011 16:47
في خطوة جريئة يندر الإقدام عليها في عالم السينما تولى المخرج الإماراتي حسن كياني إخراج فيلمه الأخير “تليفوني” اعتماداً على تقنية جهاز الآيفون، أي أن الفيلم صور بكامله بواسطة الجهاز الهاتفي وحده، وكان لفوز الفيلم بإحدى جوائز مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس أن ساهم في تأكيد صدقية الاختيار، ليشكل الأمر برمته ما يمكن اعتباره صدمة وسابقة في مجال الإنجاز السينمائي الإماراتي، فأن يتم الاعتماد على جهاز بهذه البساطة لتصوير فيلم يقبل المنافسة، ويحتمل الفوز أمر مثير للاهتمام دون شك. قصة الفيلم للسينمائي الإماراتي أحمد زين، والإخراج لحسن كياني، أما التمثيل فتولته شخصيات إماراتية، وتدور الحكاية حول صبي تلقى هدية من والده هي عبارة عن جهاز آيفون، وكما هو مألوف في حالات مماثلة فقد شغف الولد بهديته المميزة وحاول استنفاد ما تتيحه من طاقات ترفيهية إلى الحدود القصوى، بعد أن شبع من التصوير في شتى أنحاء المنزل، خرج الولد بآلته الجديدة نحو المحيط المجاور، وهناك تعرف على عامل تنظيفات فأخذ له العديد من الصور، قبل أن يشرع الاثنان في تصوير ما يحيط بهما من مناظر ومشاهد متنوعة. لعبة خطرة كانت الأمور أقرب إلى أجواء اللعب البريء قبل أن يلفت نظر الاثنين منظر رجل يدخل المنزل العائلي من بوابته الخلفية المخصصة للخدم، الرجل أجنبي، وملامحه غير مألوفة، لم يتوقف الولد كثيراً عند غرابة الموقف، لعل متعته بالتقاط الصور كانت طاغية على مشاعره فلم تدفع به نحو ابداء سوء النوايا وافتراض ما هو مخيف أو مثير للشك، تابع التصوير، وانتظر خروج الرجل ليكمل ما بدأه، لم يكن الغريب بالنسبة إليه أكثر من هدف ضوئي من خارج حقل التوقعات، منحته إياه الظروف ليطعم مجموعته الصورية بإضافة يسعه اعتبارها نوعية. تكرر الموقف في الأيام التالية، ولما كان الولد وصديقه المستجد عامل التنظيفات قد استوعبا صدمة الآيفون، وصار يمكنهما التفكير بما يشهدان عليه اعتماداً على عقل بارد، فقد خلصا إلى الشك بكون هذه الزيارات المتكررة لرجل غريب إلى المنزل ليست أمراً بريئاً، كان لابد من إعلام الأهل، وهنا كشف المستور وتبين أن الزائر يقيم صلة مشبوهة بإحدى خادمات المنزل، هكذا أمكن للعبة ترفيه أن تكتشف سلوكاً في غاية السوء، كان بوسعه لو ظل مخبئاً أن يلحق ضرراً فادحاً بالأسرة الآمنة. إنجاز متفرد في معرض توصيفه لولادة التجربة يقول المخرج حسن كياني: “كنت دوماً مأخوذاً بهذه التقنية المميزة، وكنت أتوق لتوظيفها في سياق العمل السينمائي، والاعتماد عليها في صناعة فيلم مستوف للشروط، في محاولة لتحقيق إنجاز غير مسبوق، كما كنت متحمساً لاستخدام تقنيات التصوير التي يتيحها الآيفون في أغلب الأحيان، وذات يوم اقترح علي صديقي المخرج أحمد زين مشروع فيلم، فأحسست أن الوقت قد حان لوضع فكرتي النظرية موضع التطبيق العملي، وقررت أن يكون تصوير الفيلم موضع النقاش بواسطة جهاز الآيفون وحده، وعندما تمعنت في القصة قراءة تأكدت أن الأمر ممكن وقابل للتطبيق، وتوقعت أن يكون مدار تجربة جديدة واعدة، بعد ذلك توليت التحضيرات المطلوبة”. فرصة للانطلاق يضيف حسن متوسعاً في شرح المخاض الذي خضع له فيلمه: “استخدمت جهاز “آيفون 4”، وقد تنبهت لدى تعمقي في دراسة خصائصه التقنية أنه يساعد على التقاط زوايا تصويرية يصعب الحصول عليها اعتماداً على كاميرات التصوير السينمائي الاحترافية. صنعت هذا الفيلم بعد دراسة أثبتت لي الكثير مما كنت أجهله، وكنت دائماً اعتبر أن عملية صناعة فيلم تحتاج إلى الكثير من التمويل، لكنه تبين لي أن إنجاز فيلم ناجح لا يحتاج أكثر من قصة ملائمة، ولا يتطلب الكثير من النقود. يمكنني القول أن التجربة كانت ناجحة وبوسع المخرجين الشبان أن يستفيدوا منها، وأن ينطلقوا نحو تحقيق أحلامهم المهنية دون خوف أو قلق من تدني قدراتهم المادية. أعتقد أن لدينا الكثير من المواهب والإمكانات التي تشجعنا على خوض غمار العمل السينمائي وترسيخ مكانة عالمية لنا في مجال السينما. أنا لا أشجع فكرة استخدام تقنيات مختلفة في كل فيلم جديد، لكنني أثق أنه بالإمكان عبر الآيفون الوصول إلى نتائج تبرر الرضا، وتحقق الكثير من الأشياء الممتعة. حرية الإبداع عن رأيه في السينما الحديثة يقول محدثنا: أعتقد أن السينما المستقلة هي وسيلة مثالية لإعطاء الحرية للقصص، وهذا ما ينبغي للمخرجين في بلادنا وفي العالم العربي أن يقوموا به، أي يبتدعوا وسائلهم لتخطي العقبات المادية، والتوجه نحو صناعة أفلام بلا حدود، ذلك أن علينا أن نحقق لأنفسنا مزيداً من الوجود خارج الأطر الجغرافية التي نعيش فيها. والأمر متاح اليوم في ظل ثورة العولمة، حيث يمكننا أن نقدم أفلامنا وأفكارنا عبر شبكة الإنترنت، والوصول بها إلى المهرجانات لتحقيق مستوى أرفع من الانتشار. كذلك أنا أؤمن الحركة السينمائية في الخليج عامة، وفي الإمارات بشكل خاص، ناشطة بما يكفي لاحتضان مختلف التجارب وقد أعطي لنا الكثير من الدعم، ومنحنا العديد من الفرص للتعاون مع سينمائيين لديهم حضور عالمي، وذلك بفضل المهرجانات السينمائية التي تقام على أرض الدولة، وأرى أن من بين الدلالات التي يتيحها نيل فيلمي لجائزة من مهرجان أبوظبي أن بوسع العاملين في الحقل السينمائي إنجاز أفلامهم بغض النظر عن نوع الكاميرات المستخدمة لتصوير، حيث الأساس هو الإبداع في القصة، وفي طريقة استخدام المعدات، وأنا أرى أن عملية صناعة الأفلام في دولة الإمارات تسير على الطريق الصحيح، حيث نرى المنظمين والممولين والمنتجين والمخرجين يفعلون كل ما بوسعهم لجعل الحاضر السينمائي واعداً والمستقبل مشرقاً. فعالية القصة من جانبه يوضح المخرج أحمد زين، صاحب فكرة الفيلم، وكاتب قصته، أن قرار التصوير عبر الآيفون اتخذ من قبل المخرج حسن كياني، وأن الجزء الأكبر من المشاهد قد التقطها الولد نفسه عبر الجهاز الصغير، مؤكداً أنه لم يكن يشعر بالخشية حيال المآل الذي ستنتهي اليه قصته السينمائية لأنه يثق بالمخرج وبقدراته الفنية، خاصة أنه سبق له أن أنجز العديد من الأعمال المصورة اعتماداً على تقنيات مشابهة. كذلك هو كان متيقناً من مستوى القصة وقدرتها على إثارة اهتمام المتابعين. واقعية الموقف ويضيف زين أن الهدف من إسناد مهمة التصوير إلى ولد لا يمكن الزعم باحترافيته، تعود إلى الرغبة في إضفاء قدر من الواقعية على سير الأحداث، فلم يتم اعتماد الخدع السينمائية المشروعة في حالات مماثلة، كأن ينسب التصوير للولد، في حين يكون مسنداً في حقيقة الأمر إلى مصور محترف.. ويشير زين إلى مشروعية النمط التجريبي في العمل الإبداعي، خاصة عندما يكون سينمائياً في لحظة زمنية تغوي باختبار وسائل تقنية حديثة العهد، واستشراف مدى جدواها في الحلول محل الآلات التقليدية بالرغم من التفاوت الجلي والكبير بين الأداء الوظيفي لكل منها، فأن يتم اللجوء إلى جهاز الآيفون ببساطته وتواضع حجمه، وسهولة استخدامه، كبديل لكاميرا سينمائية معقدة يحتاج التعامل معها إلى خبرات متراكمة، مسألة جديرة بالتجريب، وحتى الثغرات التي من شأنها أن تعتري العمل حينها أو تعترضه، يمكن النظر إليها على أنها ضريبة مشروعة لخطوة نوعية نحو ما يمكن اعتباره فتحاً في عالم التصوير السينمائي. فوز متوقع يؤكد المخرج أحمد زين أن فوز الفيلم بإحدى جوائز مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس لم يكن مفاجئاً له، أو لأحد العاملين فيه، ذلك أن واقعية القصة والأداء المقنع للممثلين، إضافة إلى الجدية التي تعامل بها سائر التقنيين مع مهامهم كانت عوامل مطمئنة إلى سلامة المنتج. بمعنى أن تواضع وسيلة التصوير لم تدفع المعنيين للاسترخاء والتعاطي مع الموقف بوصفه تجربة تفتقد إلى الجدية والنضج، بل على العكس من ذلك تماماً إذ بدا الجميع أمام تحدي التمايز، وإثبات أن الأمر ليس ممكناً فقط، بل وواعداً أيضاً، حيث يمكن للفيلم أن يمثل تبريراً إضافياً مقنعاً لظاهرة السينما المستقلة التي يشهدها عالمنا المعاصر، وهي تقوم على مبدأ أن الأفلام الناجحة لا تستدعي موازنة باذخة بالضرورة. يوضح محدثنا أنه، وقبل فوزه بجائزة مهرجان أبوظبي الخامس، شارك فيلم “تلفوني” في مهرجان الأمل للأفلام العربية في إسبانيا، كما سجل حضوراً في مهرجان الخليج السينمائي، وقد لاقى في المكانين اهتمام المشاهدين وثناء النقاد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©