الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا يأس مع ربيعي

21 أكتوبر 2015 23:17
لو كان اليأس رجلا لدعوت نفسي قبل الآخرين لقتله، فبرغم الذي توارثناه أبا عن جد من سير أدب الحياة كما صاغه مفكرون وفلاسفة، من أن لا يأس مع الحياة، إلا أننا نمعن كثيرا في سحق كل بارقات الأمل التي تشع في ظلمة الإخفاقات والأزمات، فلا نراها إلا وهما وسرابا لا يمكن تصديقه. منذ أن كتب هشام الكروج آخر فصل في أسطورته عندما وضع نفسه في مصاف الكبار وهو ينال ذهبيتين أولمبيتين في دورة أثينا موطن الأساطير سنة 2004، والمغاربة لا يفعلون شيئا سوى تقليب تلك الصور الخرافية لتأثيث مشهد رياضي انتفت فيه الأساطير ولكنها لم تمت، شاع نوع من اليأس والقنوط والأيام والسنوات تتوالى ولا ضوء ينبعث من المسرح الرياضي المغربي إيذانا بميلاد أسطورة جديدة. مرت 11 سنة كاملة على الإنجاز الخارق للكروج والمغاربة لا يخامرهم أدنى شك في أن زمن الأسطورة انتهى وأن أبطالا بمثل هذه المقاسات الرائعة لا يولدون في يوم أو في ليلة أو حتى في سنة، فجاء المغاربة من الدوحة القطرية من يسحق يأسهم ومن يعيد صلة الحاضر بكل أوجاعه بالماضي الجميل. ببطولة العالم للملاكمة هواة بالدوحة، كان بين عشرات الملاكمين الحالمين ملاكم مغربي كان قبل سنتين شبلاً صغيراً منزوياً في ركن قصي يقلب الأحلام والآمال، ولكنه بثقة الأبطال وبصلابة الجبال كان يحمي حلمه الصغير، ذاك الملاكم هو من ستوضع عليه كل الآمال ليعيد الربيع أخيرا للزمن الرياضي المغربي الذي أتعبه خريف النكبات. دخل محمد ربيعي بطولة العالم وهو بطل لقارته الأفريقية، ليس هذا فقط ولكنه حضر وهو مصنف من الاتحاد الدولي لملاكمة الهواة كأفضل ملاكم لوزن 69 كلج بعد عروضه الرائعة بالسلسلة الدولية للملاكمة العالمية في نسختها لعام 2015 والتي مهدت له التأهل المباشر لدورة ريو دي جانيرو الأولمبية. واثقاً من قدراته ومؤمناً بحظوظه انطلق ربيعي في رحلة النصر، ليتجاوز الأدوار الواحد بعد الآخر، إلى أن بلغ المباراة النهائية التي سينازل فيها الملاكم الكازاخستاني بطل النسخة الماضية، وبعد عرض فيه شموخ وإبهار سيتمكن ربيعي من ترويض خصمه بأروع صورة ليعلن منطقيا بطلاً للعالم، ولتشرق أخيراً على المغرب شمس الأمل التي أفلت زمناً طويلاً، شمس تقول إن لا يأس مع الحياة ومع أبطال من طينة الكروج وربيعي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©