الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صقر القاسمي أسهم مع الشيخ زايد والشيوخ المؤسسين في وضع اللبنة الأولى لمسيرة الاتحاد

صقر القاسمي أسهم مع الشيخ زايد والشيوخ المؤسسين في وضع اللبنة الأولى لمسيرة الاتحاد
27 أكتوبر 2013 00:40
تحل اليوم الأحد الذكرى الثالثة لرحيل المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة السابق، الذي شكل رحمه الله مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه والشيوخ المؤسسين أعضاء الاتحاد الذين توفاهم الله، اللبنة الأولى لميلاد وطن وانطلاق المسيرة المظفرة للاتحاد. ينتمي المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي في نسبه إلى الشيخ رحمة بن مطر بن كايد مؤسس دولة القواسم في المنطقة سنة 1760 ميلادية عقب انهيار دولة اليعاربة. ويمتد تسلسل نسبه كما يلي: صقر بن محمد بن سالم بن سلطان بن صقر بن راشد بن رحمة بن مطر بن كايد وهو الجد الأكبر للقواسم. ولد الشيخ صقر القاسمي رحمه الله في عام 1918 ميلادي في مدينة رأس الخيمة ونشأ نشأة إسلامية عربية في كنف والده الشيخ محمد بن سالم بن سلطان القاسمى، الذي كان حاكما للإمارة ما بين عامي 1917 و 1919 ميلادي. واتصف رحمه الله بالهدوء والحلم وقوة الإرادة والشجاعة في إبداء الرأي، كما عرف عنه اعتزازه الشديد بتاريخ أجداده الذين بنوا أكبر قوة بحرية عربية في المنطقة وعرف عنه أيضا ولاؤه لأمته العربية ونصرته لقضايا الحق والعدل والسلام، وتمتع الشيخ صقر منذ ولادته برعاية أبوية خاصة، أساسها التعلم وأخذ المعرفة بأمور الدين والدنيا، فقد نشأ بين أشقائه وزملائه ينهل في دراسته معاني القرآن الكريم. وحفظ آياته وتعلم القراءة والكتابة على يد ما كان يسمى في ذلك الوقت “المطاوعة “، حيث درس الشيخ صقر في طفولته على يد المطوعة الفاضلة السيدة فاطمة زوجة حمد الرجباني المعروف باسم “المغربي” وتلقى في تعليمه الأولي حفظ آيات من القرآن الكريم والحساب ومبادئ القراءة والكتابة، وكان عمر الشيخ صقر حينئذ لا يتجاوز عشر سنوات. ثم درس فيما بعد على يد معلمين متخصصين أحضرهم الحاكم في تلك الفترة خصيصا من نجد لتدريس أفراد العائلة الحاكمة في بيت الحاكم، ثم تلقى دراسة العلوم الدينية والعربية على يد الشيخ سيد الهاشمي في بيت فضيلة الشيخ علي بن محمد المحمود وكانت الدراسة فيه شبه نظامية. عكف الشيخ صقر بن محمد القاسمي منذ توليه الحكم في إمارة رأس الخيمة الذي يصادف في يوم الاثنين الموافق 9 فبراير 1948 ميلادي على إرساء قواعد الوحدة الوطنية بين القبائل في الإمارة وجمع شملها والتأليف بينها وجعلها وحده متماسكة، إضافة إلى رفع شأن إمارته وتقدمها في شتى المجالات الافتصادية و الاجتماعية فحققت رأس الخيمة بجهوده المتواصلة رحمه الله تقدما كبيرا في ركب العلم والتقدم. وجه الشيخ صقر بن محمد القاسمي جل اهتمامه لنشر العلم والمعرفة في المجتمع إيمانا منه بدور التعليم في بناء الإنسان والمجتمع وتكوين الوعي الثقافي للدول، وفي هذا الصدد كان يقول رحمه الله “للتعليم فوائد جمة في حياة الإنسان وسعادته، فعن طريق القراءة والكتابة يعرف الإنسان أصول دينه ويصبح الإنسان مستنيرا مثقفا واعيا مدركا”. الاهتمام بالتعليم وأدرك الشيخ صقر القاسمي خلال السنوات الأولى لحكمه أهمية التعليم والمعرفة في تكوين الوعي الحضاري وبناء شخصية الإنسان والمجتمع، وفي تحديد مسار حياة الفرد العملية والاجتماعية، فقد أمر رحمه الله في سبيل نشر التعليم بإنشاء دائرة للمعارف لمتابعة شؤون البعثات العلمية في الإمارة وذلل العقبات أمام الوفود التعليمية التي أرسلتها الدول الشقيقة من أجل نشر العلم وافتتاح مدارس نظامية على أرض رأس الخيمة وكان يشجع الطلاب وأولياء الأمور ويحثهم على تعليم أبنائهم . واتخذ الشيخ صقر بن محمد القاسمي منهجا تربويا إلى جانب التعليم، فقد افتتح عددا من المدارس وأولى التعليم جل اهتمامه وكان يكرم المدرسين الذين قدموا إلى رأس الخيمة في فترتي الخمسينيات والستينيات وقدم لهم كافة التسهيلات التي تعينهم على إكمال مهامهم في تعليم أبناء المنطقة، فأصبح في رأس الخيمة عشر مدارس في عام 1960 ميلادي، خمس منها للبنين وخمس للبنات، وعمل رحمه الله على إنشاء المدرسة الزراعية في الدقداقة في سنة 1955ثم أنشأ المدرسة الصناعية سنة 1969 ميلادية. ولم يقتصر اهتمامه على التعليم العام، بل تركز أيضا على تحفيظ القرآن الكريم للطلاب والطالبات على حد سواء، لأنه كان يردد دائما أن دراسة القرآن الكريم وعلومه فيه إرشاد وتهذيب وتقويم للنفس والسلوك والعمل، إلى جانب اهتمامه رحمه الله بتوفير رعاية صحية شاملة لأبناء رأس الخيمة، فافتتح المستشفى الكويتي، وفي عهده تم إنشاء ثلاثة مستشفيات عصرية في الإمارة، وفي عهد الدولة الاتحادية انطلقت عمليات البناء والتطوير في رأس الخيمة. مسيرة الاتحاد انتخب الشيخ صقر القاسمي عام 1965 ميلادي رئيسا لمجلس الحكام قبل قيام اتحاد دولة الإمارات وضم إمارات الساحل واستطاع خلال ترؤسه المجلس تحقيق الكثير من المنجزات، وظل في هذا المنصب إلى قيام الاتحاد. وعمل إلى جانب إخوانه حكام الإمارات على إقامة اتحاد متماسك ومترابط يجمع شمل الإمارات في دولة واحدة تزيل الحواجز بين أبناء المنطقة الواحدة، وعلى الرغم من الصعوبات الجمة التي واجهت قيام الاتحاد، إلا أن الإرادة الوحدوية الصلبة للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات تمكنت من تخطي كل العقبات وتحقيق الأمنية الغالية لشعب الإمارات، حيث شهد يوم الثاني من ديسمبر 1971 ميلادي دولة حديثة أصبحت يوم إعلانها الدولة الثامنة عشرة في جامعة الدول العربية والعضو الثاني والثلاثين بعد المئة في الأمم المتحدة. وفي 10 فبراير من عام 1972 ميلادي انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد ليكتمل كيان سياسي موحد وقوي، وقد جاء بناء الاتحاد، إضافة إلى كونه ضرورة حتمية لمواجهة التحديات التي كانت تواجه المنطقة، ترجمة عملية لتعزيز أواصر القربى وصلات الرحم بين أبناء الإمارات جميعا . وتحولت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنوات قلائل من قيام اتحادها إلى دولة عصرية مزدهرة ينعم مواطنوها بالرفاه والرخاء بفضل القيادة الحكيمة والعطاء السخي والجهود المخلصة للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه . ويعد اتحاد الإمارات ثمرة جهود دؤوبة قام بها الشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات المؤسسين رحمهم الله، فالجميع كان مؤمنا بمقولة الشيخ زايد “بأن تجربتنا الاتحادية كانت نابعة في المقام الأول من الرغبة في زيادة أواصر القربى ومن قناعة الجميع بأنهم أهل ولا بد أن يجتمعوا تحت قيادة واحدة، فنحن لم يسبق لنا تجارب اتحادية ولكن قربنا من بعضنا بعضا وصلة الرحم بيننا هي التي جعلتنا نؤمن بضرورة قيام اتحاد بيننا يكون عوضا عن التفتت والتمزق اللذين كانا سائدين بيننا ولأننا آمنا منذ اللحظة الأولى بأهمية ونجاح هذا الاتحاد، فإننا نشعر الآن بأن أملنا قد تحقق وأصبح للاتحاد كيانه وسمعته الممتازة في الداخل والخارج واحتل المكانة العالمية التي تليق به في مصاف الدول. ويكمل المسيرة المباركة بعد ذلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات ويستمر الإنجاز والبناء والتمكين، التي حققت فيها الإمارات إنجازات عديدة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. نهضة رأس الخيمة وامتاز الشيخ صقر القاسمي بسياسته الحكيمة وبعد رؤيته وتطلعه الدائم إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، حيث استقطبت الإمارة العديد من الصناعات الناجحة التي أسهمت في دفع عجلة التقدم ومنها صناعة الأسمنت والأدوية والسيراميك والحديد وغيرها من المصانع والشركات. وقد توالت نهضة رأس الخيمة العمرانية والاقتصادية بتوجيه وإشراف مباشر منه، حيث تم افتتاح المشاريع الكبيرة ومنها مطار رأس الخيمة الدولي وميناء صقر، وبذلك حققت إمارة رأس الخيمة خلال سنوات قلائل في عهده منجزات كبيرة وشهدت تحولات جذرية على طريق التقدم والازدهار انطلقت من وضع خطط حديثة لتطوير المدينة على أسس عصرية بإقامة العديد من المرافق الحيوية بالإمارة. تلبية احتياجات المواطنين حرص الشيخ صقر بن محمد القاسمي على الالتقاء بالمواطنين من خلال مجلسه المفتوح دائما أو على الطبيعة وتفقد احتياجاتهم والاطمئنان على أحوالهم والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم من مشاريع الخدمات بمناطقهم، وكرس كل جهوده منذ أن تولى مقاليد الحكم لخدمة المواطنين وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم إلى حياة كريمة يسودها الاستقرار والأمان والرفاهية وبناء دولة حديثة ينعمون بظلال تقدمها وازدهارها. وأعطى الشيخ صقر رحمة الله اهتماما ورعاية للشباب، وكان دائما يحرص على دعوتهم باستمرار إلى التسلح بالعلم والأخلاق حتى يسهموا بدورهم في خدمة الوطن، إلى جانب حرصه أيضا على حث الشباب على العمل والإنتاج والالتحاق بمختلف ميادين العمل باعتبار أن العمل شرف وواجب. وارتبط الشيخ صقر القاسمي بعلاقات أخوية وطيدة مع الدول الشقيقة المجاورة كما ربطته بدول العالم علاقات صداقة طيبة، وحظي بتقدير كبير من الجميع ومن الأوساط السياسية والدبلوماسية العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لما يتصف به رحمه الله من تواضع وحكمة. وبرحيل الشيخ صقر بن محمد القاسمي رحمه الله تكون الدولة قد ودعت آخر من ساهموا في تأسيس دولة الاتحاد وأعطوا هذا الكيان العظيم الكثير وبذلوا في سبيل تحقيق الرخاء والرفاهية لإنسان هذه الأرض، بما توافرت لهم من إمكانات في زمن كانت الحياة فيه صعبة والعيش لم يكن رغيدا. 62 عاما قضاها الراحل في بناء إمارة رأس الخيمة وسط ظروف سياسية واقتصادية كانت في غاية الصعوبة، حتى تمكن من تحقيق الأمن والاستقرار لها وتأسيس مقومات النجاح لها حتى أصبحت قادرة على المضي قدما مع اللآلئ الست في حلقة تضيء السماء في المنطقة بقيام الدولة الاتحادية التي أراد لها بُناتها أن تكون قوية وتبقى كذلك بفضل جهود الخلف.. رحم الله الشيخ صقر بن محمد القاسمي وأسكنه فسيح جناته .
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©