يضع المدربون السيناريوهات، ونتخيل نحن المشاهدون النصوص الدرامية وحتى «الهيتشكوكية»، التي تحقق أعلى قدر من الإثارة، ولكن كثيراً ما تأتي المباريات وبخاصة النهائيات منها، بما لا تشتهيه الخيالات، فالمباريات هي صفحة بيضاء، ما يكتب عليها كثير منه يأتي خارج التنبؤات، وفاصل ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا، الذي من أجله يشد العين الرحال إلى أقصى شرق آسيا، قد لا يكون استثناء، ولكنه في كل الأحوال سيأتي بمشاهد فنية وتكتيكية، قد نحدس لها شكلاً ولكن لا نستطيع أن نضع لها تسلسلاً.
المؤكد أن العين الذي وصل هذا النهائي بعد أن حرك الصخور بل وزعزع الجبال وهو يعترض طريق النصر ويقصي الهلال، من كان لأندية شرق آسيا في السنوات الأخيرة «البعبع»، الذي أنهى احتكارها الطويل للتاج الآسيوي، يعرف أن مواجهة يوكوهاما الياباني ستكون مختلفة عما سبقها من مواجهات، بخاصة فصل الذهاب الذي يجري هذا السبت باستاد نيسان أمام 70 ألف حنجرة لا تبح أصواتها ولا يفتر هديرها.
الاختلاف هو في السمات الفنية وحتى المقادير التكتيكية، التي توظف لتجهيز الوصفات، فالعين سيكون في مواجهة فريق يشكل وصوله لنهائي دوري الأبطال مفاجأة من العيار الثقيل، ذلك أن يوكوهاما مارينوس يأتي للنهائي القاري الثاني في تاريخه، بعد 34 عاماً على وصوله للنهائي الأول، الذي خسره أمام لياونينج الصيني، وفي ذلك يجب أن يكون العين حذراً من فريق يريد كتابة التاريخ.
طبعاً، ثقتنا كبيرة في الزعيم العيناوي، أمل الإمارات كلها في اقتناص التاج الآسيوي الثاني، من منظور ما أظهره في سفره الآسيوي، من دور المجموعات إلى أدوار خروج المغلوب، من شخصية قوية عند مواجهة تقلبات المباريات، ومن انضباط تكتيكي عال جداً في تنزيل منظومة اللعب وهي تتكيف بشكل رائع مع طبيعة المواجهات، ومن إصرار جماعي على معاكسة كل التوقعات، وقد فعل ذلك باقتدار كبير وهو يوقع على أربع مباريات مثالية أمام النصر والهلال، إلا أن للمباريات النهائية طبائع مختلفة، تحتاج إلى شكيمة نفسية قوية، تساعد على قهر العوارض الذهنية التي تبرز في أزمنة مختلفة من عمر المباريات.
ولو استطاع العين أن ينشر هناك بملعب نيسان بنفسجه، لما يملكه من مهارات فردية وقدرات جماعية، فسيكون ذلك أمراً رائعاً، لا يسهل عليه فقط مباراة الإياب بالعين، ولكنه سيفتح له الطريق ليرفع الكأس الآسيوية الثانية في تاريخه، وأن يحقق العين باستاد نيسان النتيجة الأفضل في فاصل الذهاب، فإن ذلك لن يكون إلا إذا لم يبالغ العين في احترام المنافس، وإذا ما استعان بخبرته الآسيوية في ترويض السعار الياباني، وبخاصة إذا ما نجحت مخالب سفيان رحيمي، كاكو وبلاسيوس في القبض على الفرو الياباني.
في النهاية، لن تكون مباراة الذهاب بكل سيناريوهاتها المحتملة وخواتمها الممكنة، إلا مقدمة لرعب أراه من الآن يسكن فاصل الإياب.