الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إتقان العمل.. علامة الإيمان

إتقان العمل.. علامة الإيمان
27 ابريل 2021 01:44

أبوظبي (الاتحاد)

أنشأ الله تعالى الكون بإتقان، وأوجد خلقه بإحسان، قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)، وقال تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، والله سبحانه وتعالى يحب من الإنسان أن يتقن عمله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ».
«والإتقان هو عمل الشيء على أحسن وجه وأفضله، والإتقان للإنسان هو ما يقوم به ويعمله، عبادة كان أو عملاً أو صناعة، بأحسن الأوصاف وأكملها، والإتقان والإحسان الذي يرافق عمل المؤمن من بدايته إلى نهايته» فالنبي  كانت عبادته مُتقنة، وعبادته حسنة في أدائها ووقتها، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها وهي تصف صلاته وقيامه، فتقول: فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ. أي: في نهاية من كمال الحسن والطول، مستغنيات عن السؤال الوصف.
ورغب النبي أمته في إتقان الوضوء فقال: «لا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ يُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا». وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا حفظوا آيات من القرآن، لم ينتقلوا إلى غيرها حتى يتقنوها فهماً وعملاً. وفرَّق النبي صلى الله عليه وسلم، بين العمل المتقن وغير المتقن، فقال عليه الصلاة والسلام: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ». 
وخلقنا ربنا سبحانه وتعالى في الأرض لعمارتها، والعمارة لا تكون إلا بإتقان وإحسان، قال الله عز وجل على لسان سيدنا صالح عليه السلام: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، ويقتضي ذلك بالضرورة وجود الإنسان القوي في عقله، والمتقن في عمله، والمحسن في تخطيطه، ليحصل البنيان، ويعلو العمران. والإتقان يستغرق الحياة بكل جزئياتها وتفاصيلها، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ»، فيكون الإتقان في كل شؤون حياتنا صغيرها وكبيرها، سواء كان في التجارة أو الوظيفة أو المنصب، أو الزراعة، وجميع صنوف العلم والمعرفة، ويطلب الإتقان في عمل الإنسان وعلاقاته وتواصله مع المجتمع من حوله، فالموظف والعامل الذي يتقن عمله يحقق سعادة لنفسه ولمجتمعه، ويؤدي الأمانة المكلف بها، امتثالاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم،:«أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ». وعندها يستحق أجره كاملاً غير منقوص، قال صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ».
ومن الإتقان الإحسان في المظهر والملبس، قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَلِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةً فِي النَّاسِ»، وإن سر التقدم الذي حصل للحضارة الإسلامية في تاريخها الطويل، كان بسبب الإتقان والإحسان، فأشرق نورها، وكانت مصدر فخر واعتزاز عبر مسيرته الخالدة على البشرية جمعاء، ولو ثبتنا على الإحسان والإتقان، وجعلناهما السمة التي لا نتنازل عنها في جميع أعمالنا، لثبتنا في القمة.
والنفس بطبيعتها تطمئن إلى كل جهة تحسن عملها وتتقنه، فكم من الشركات أو المؤسسات حازت رضا المتعاملين معها، ونالت ثقتهم بسبب جودة صناعتها، وإتقان عملها، وهذا الأمر ينسحب على الدول والأفراد الذين أتقنوا إنتاجهم، ونصحوا في صناعاتهم، وفازوا بإحسان عملهم. 
والخلاصة أن الإتقان أمر يحبه الله ورسوله، وبه تستقيم جميع الأحوال والأمور. وتبرأ ذمة الإنسان بإتقان عمله، وبذل جهده، والقيام به على أحسن وجه، وإن العمل المتقن وإن كان قليلاً، أفضل من العمل غير المتقن وإن كان كثيراً. وإتقان العمل يشمل عمل الدنيا وعمل الآخرة. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©