الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مبادرة «المجال الجوي الحر».. رحلة «الاستدامة» لقطاع قطاع الطيران

مبادرة «المجال الجوي الحر».. رحلة «الاستدامة» لقطاع قطاع الطيران
23 نوفمبر 2023 00:58

مصطفى عبد العظيم (دبي)
أطلقت الإمارات في عام 2012، السياسة البيئية العامة لقطاع الطيران المدني في الإمارات، والتي نصت على النظر في التقليل من أثر انبعاثات الطيران المدني في التغير المناخي، والعمل على تطبيق القوانين والتشريعات البيئية الداعمة لهذا التوجه وتشجيع الشركاء الاستراتيجيين على تقديم تقارير عن أدائهم البيئي بانتظام، وغيرها من الممارسات التي عززت مفهوم وثقافة مراعاة الأثر البيئي في قطاع الطيران الإماراتي. 
ومنذ ذلك الحين، بادرت جميع الجهات العاملة في القطاع وفي صدارتها الهيئة العامة للطيران المدني والدوائر المحلية والناقلات الوطنية ومطارات الدولة، باتخاذ العديد من المبادرات والإجراءات لمواكبه الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050، وذلك إدراكاً للأهمية الكبيرة للاستدامة، والسعي لرسم مسار جديد لتوجيه صناعة الطيران نحو مسار أكثر صداقة للبيئة.
ومن بين هذه المبادرات العديدة والملموسة، يأتي مشروع «المجال الجوي الحر»، الذي أطلقته الهيئة العامة للطيران المدني قبل أشهر قليلة، في خطوة تعزز مكانة قطاع الملاحة الجوية للدولة في المنطقة، وهو مشروع تحوّلي يهدف إلى تعزيز كفاءة الملاحة الجوية، واستخدام الموارد والطاقات بشكل أمثل، وتسخير المفاهيم الحديثة في إدارة الحركة الجوية، لما لهذا المشروع من تأثير إيجابي في القطاع الجوي والبيئة، على السواء.
وفي حين تتراوح حصة قطاع الطيران العالمي من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة، ما بين 2 إلى 3% فقط، وكان عام 2016 شاهداً على تنفيذ أولى خطوات قطاع الطيران العالمي لتحقيق الاستدامة، المتمثلة في اعتماد منظمة الطيران المدني الدولي خطة تعويض انبعاثات الكربون وخفضها.
وفي عام 2021، أقرّ أول اجتماع لتحالف دولي لتحقيق الطموح المناخي لقطاع الطيران، الذي عُقد بمؤتمر كوب 26 في غلاسكو، مسؤولية القطاع في تغير المناخ، سواء من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو الملوثات الأخرى، كما أكدت منظمة الطيران المدني الدولي، خلال مؤتمر كوب 27 في شرم الشيخ، الذي عُقد العام الماضي، التزاماتها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

تقليل انبعاثات الكربون
ويهدف تطبيق المجال الجوي الحر، الذي تعتبر الإمارات أول دولة تطبقه في الشرق الأوسط، إلى تحسين كفاءة الملاحة الجوية في الدولة، من خلال توفير حرية حركة للطائرات العابرة من دون قيود المسارات الجوية المعتادة.
ويسمح هذا المشروع التحولي برفد المجال الجوي للدولة بمرونة عالية تشجع شركات الطيران على استخدامه أكثر، ومن المتوقع استفادة أكثر من 55 ألف رحلة من تطبيق مشروع المجال الجوي الحر (ارتفاع 36 ألف قدم فما فوق)، وأن يحقق المشروع وفورات تشغيلية سنوية لشركات الطيران تفوق 50 مليون درهم، إضافة إلى إسهامات بيئية من خلال خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في سماء الدولة، نظراً لتقليل الأميال المقطوعة للطائرات، واستهلاك الطائرات كميات أقل من الوقود، بالإضافة إلى ذلك فإن المجال الجوي للدولة كان الأول في العالم الذي يطبق في عام2017 تحول بشكل كامل على أساس الملاحة المبنية على الأداء مع مواصفات ملاحية مستندة إلى النظام العالمي للملاحة بوساطة الأقمار الصناعية RNAV-1/GNSS.
مشاريع نوعية للمستقبل
وتمثل اتفاقيات الأداء، مشاريع نوعية تنقل الدولة نحو المستقبل، وتعزز من تنافسيتها، كما تتميز المشاريع التحولية بتحقيق أثر كبير في القطاعات كافة، ضمن فترات زمنية قصيرة، وبما يضمن تطبيق منهجية العمل الحكومي الجديدة لحكومة دولة الإمارات.
ويتوافق إطلاق هذا المشروع التحولي مع إعلان الدولة عام 2023 عاماً للاستدامة، واستضافة مؤتمر الأطراف «كوب 28»، إذ يعزز هدف الهيئة العامة للطيران المدني المتمثل في التزامها بالأولويات الوطنية ومنهجية العمل الحكومي الجديدة لدولة الإمارات، بما يتوافق مع المفهوم الأوسع للمشاريع التحويلية، والذي يهدف إلى دفع مسار التنمية في الدولة للسنوات العشر المقبلة، وما بعدها.
كما يتوافق المشروع بشكل وثيق مع الاستراتيجية الشاملة المعمول بها في الدولة، والتي تتطلب جهوداً نوعية ومضاعفة، تسهم في تحقيق التطلعات الحكومية، وتنعكس إيجاباً على المجتمع وقطاعات الدولة المختلفة.
وسيتزايد عدد الرحلات المستفيدة من المشروع بشكل مستمر، حسب توقعات الهيئة لزيادة الحركة الجوية في السنوات المقبلة، إضافة إلى تطور مراحل تطبيق المجال الجوي الحر ليضم شريحة مستخدمين جدد تفوق التطبيق الحالي، وسيشكل عامل استقطاب لكل شركات الطيران.

مسار جديد لتوجيه صناعة الطيران نحو مسار أكثر صداقة للبيئة
يحمل تاريخ صناعة الطيران في الإمارات سجلاً مشرفاً من النمو والتطور والتقدم، وذلك في ظل الرؤية الواعية والتوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة للدولة، وهو ما جعل القطاع ركيزة أساسية من ركائز نمو الدولة، وأحد محاور تعزيز سمعتها وتنافسيتها بالأسواق العالمية، وترسيخ مكانتها محوراً رئيساً يربط بين الشرق والغرب، وكذلك موطناً لأكثر المطارات ازدحاماً في العالم ولعدد من أهم شركات الطيران الرائدة عالمياً.
ويساهم القطاع يساهم بنحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وبالنظر إلى التطورات الاستراتيجية والاستثمارات والاتجاه المكثف نحو تبني وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في كافة عمليات وخدمات الطيران، فقد توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» أن يحقق القطاع نمواً بنسبة 170% في عام 2037، ليدعم 1.4 مليون فرصة عمل مقابل 777 ألف فرصة حالياً، ويساهم بمقدار 128 مليار دولار في اقتصاد الدولة. 
ويعتبر برنامج تحديث خدمات الملاحة الجوية إضافة نوعية للعديد من المشاريع الريادية التي تبنتها الدولة في هذا الشأن، حيث يعد المجال الجوي لدولة الإمارات الأول في منطقة الشرق الأوسط في تطبيق مفهوم المجال الجوي الحر، بهدف استمرارية تحسين المجال الجوي، وضمان سلاسة الحركة الجوية، واستيعاب الزيادة المتوقعة في السنوات المقبلة، حيث وفر هذا المشروع حرية حركة للطائرات العابرة دون قيود المسارات الجوية المعتادة. وحظي بإشادة العديد من الشركات والمنظمات الدولية.
900 ألف حركة سنوياً
يتجاوز متوسط الحركة الجوية اليومية في المجال الجوي لدولة الإمارات ال 2500 حركة يومياً، ووفقاً للتقديرات الأولية من المتوقع أن تسجل الحركة الجوية حتى نهاية العام ما يصل إلى 900 ألف حركة جوية بزيادة تتجاوز 10% عن مستويات ما قبل الجائحة.
لهذا بادرت الهيئة العام للطيران المدني بالعمل على تنفيذ خطط الاستثمار الجديدة لتحديث خدمات الملاحة الجوية من خلال توظيف أحدث تقنيات التكنولوجيا المتطورة، واحتضان أحدث الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوكتشين، لتحقيق أقصى درجات السلامة الجوية والكفاءة والدقة وزيادة القدرة الاستيعابية للمجال الجوي، وهو ما من شأنه ليس فقط إدخال تحسينات على عمليات الملاحة الجوية، وإنما من شأنه تحقيق قفزة نوعية في طريقة تقديم الخدمات وتحليل البيانات، وتوفير حلول مبتكرة للتحديات المستقبلية.
ويمثل تأهيل العنصر البشري في الوظائف التخصصية، ورفع نسب التوطين محوراً رئيساً في خطط الاستثمار المستقبلية، لأن دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة تؤمن بأن رأس المال البشري هو أهم مورد وأغلى ثروة، والضمان الحقيقي للحفاظ على استدامة النمو، ولذلك سيتم التركيز على تنمية مشاريع لتطوير المهارات المرتبطة بقطاع الطيران وفق أحدث التقنيات الجديدة.

تحديث خدمات الملاحة الجوية
وضعت الهيئة العامة للطيران خططها لإطلاق مرحلة جديدة من تحديث خدمات الملاحة الجوية، من خلال استثمار ما يزيد على 700 مليون درهم، خلال العقد المقبل في تطوير وتحديث خدمات الملاحة الجوية في مركز الشيخ زايد للملاحة الجوية، من خلال تبني وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة، وتحسين البنية التحتية والاستثمار في العنصر البشري وتعزيز التوطين، بالإضافة إلى إنشاء مركز الابتكار في الملاحة الجوية.
ويمثل البرنامج المهم لتحديث وتطوير خدمات مركز الشيخ زايد للملاحة الجوية والمجال الجوي للدولة، والذي يعد العمود الفقري للبنية التحتية للطيران المدني بالدولة، حيث سيشكل قفزة نوعية في مستوى وجودة خدمات الملاحة الجوية التي تقدمها دولة الإمارات، وسيساهم في تعزيز ريادتها إقليمياً وتنافسيتها عالمياً، إضافة إلى أنه من المخطط أن يتم إطلاق مركز الابتكار في إدارة الحركة الجوية في الدولة، والذي سيقوم على تعميق الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية المحلية والعالمية والشركاء الاستراتيجيين وتطوير القدرات الوطنية في البحث والتطوير، اعتماداً على التكنولوجيا المتقدمة والحلول المبتكرة والمتميزة لضمان الاستعداد للمستقبل.
تحسين كفاءة الرحلات
تعزز التوقعات الإيجابية فوائد المشروع الريادي في الجانب الاقتصادي لشركات الطيران، حيث ستستفيد الشركات من تقليل تكاليف الوقود وتحسين كفاءة الرحلات، وبالتالي سيؤدي إلى تحسين الأداء المالي لشركات الطيران وتعزيز اقتصادها وتعزيز السعادة وجودة الحياة».
ويعد المشروع، خطوة أولى ضمن خطة متكاملة لتطبيق المجال الجوي الحر على نطاق أوسع حسب مراحل مدروسة بعناية، بهدف تحسين البنية التحتية للمجال الجوي.وتتحقق الاستفادة القصوى من هذا المفهوم عندما يتم تطبيق هذا المشروع التحولي على نطاق أوسع على مستوى الدول المجاورة للربط مع الشبكة الملاحية الخليجية والإقليمية، والتي تأتي في وقت مهم بعد خطة إعادة هيكلة المجال الجوي التي انتهت منها الهيئة في عام 2017 بهدف استمرارية تحسين المجال الجوي، وضمان سلاسة الحركة الجوية، واستيعاب الزيادة المتوقعة في السنوات المقبلة.
وتظهر الدولة من خلال إتاحة المجال الجوي الحر وتطبيقه، قدرتها على الريادة في قطاع الطيران، وتعكس التزامها بتبنّي المفاهيم الحديثة لتحقيق التقدم والتطور في القطاع الجوي وصنع مثال إماراتي يُحتذى في المحافل العالمية.
ويعد تطبيق الهيئة العامة للطيران المدني، المجال الجوي الحر، إنجازاً استثنائياً يعزز كفاءة الملاحة الجوية ويدعم اقتصاد شركات الطيران ويساهم بشكل إيجابي في تعزيز الاستدامة في الطيران.
ارتفاع مضطرد
وفي ظل الارتفاع المضطرد للحركة الجوية ومشاريع التوسعة الحالية للمطارات الوطنية، وجهود الناقلات الوطنية لتوسيع وجهاتها أمام المسافرين والاستثمار في زيادة الأسطول الوطني من الطائرات، فضلاً عن زيادة الحركة الجوية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، كان لزاماً أن يواكبه زيادة في الطاقة الاستيعابية للمجال الجوي لضمان تعزيز مكانة الدولة وجهة إقليمية ودولية للطيران.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©