الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حلول مبتكرة بتكلفة مقبولة تضمن نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة

الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل 95% من إجمالي الشركات المسجلة بالدولة (أرشيفية)
1 أغسطس 2022 00:34

حسام عبدالنبي (دبي)

طرحت شركات ومؤسسات مالية حلولاً فعالة لضمان نجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في الدولة، تستهدف مواجهة التحديات الناتجة عن عدم قدرتها على التكيف بشكل فعال مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، وعدم تطوير الخدمات والأداء بما يتناسب مع معالم الاقتصاد الجديد في حقبة ما بعد الجائحة.
ويكتسب قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية خاصة في دولة الإمارات، نظراً لدوره  الريادي باعتباره المُحرك الرئيس لاقتصاد الدولة ويمثل نسبة 95% من إجمالي الشركات وبنسبة إشغال تتجاوز الـ 86% للقوى العاملة، فضلاً عن تشكيل الشركات الصغيرة والمتوسطة نسبة تقارب 40% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي وحدها. وتتمثل أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي حالياً في تأخر المدفوعات وعمليات التحصيل وتالياً صعوبة إدارة التدفقات النقدية، صعوبة مراقبة النفقات والتحكم فيها بشكل فعال، الحصول على السيولة ورأس المال العامل بتكلفة معقولة، الاستخدام السليم للموارد المالية وإدارة العمليات بكفاءة، عدم القدرة على اتخاذ القرارات والتكيف مع متطلبات إدارة الأعمال بشكل سريع، تجنب المخاطر والتهديدات والاستجابة لها، غياب الرؤية الدقيقة لأداء الأعمال وتوقع التوجهات المستقبلية، إيجاد فرص أعمال جديدة وضمان استدامة نمو الأعمال، وتعزيز شبكة سلاسل الإمداد، ثم الامتثال للقوانين واللوائح الضريبية، وأخيراً مراقبة أداء الأعمال واستمراريتها خلال الأزمات والأوقات الصعبة.

تأخر المدفوعات 
تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة من مشكلة المدفوعات المتأخرة، حيث تظهر الدراسات أن السداد المتأخر للمدفوعات مشكلة تعاني منها 70% من الشركات الصغيرة والمتوسطة (SME›s) وتشكل تهديداً خطيراً على التدفق النقدي لأكثر من 40% من تلك الشركات، وأن 60% من الفواتير بين الشركات متأخرة، وهذا بدوره يلعب دوراً سلبياً في التدفق المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ويضعها في وضع اقتصادي حرج. 
ويرى محمود عبد الرازق، مدير العمليات الإقليمية في الشرق الأوسط والهند في شركة تريد ويند فاينانس، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة يمكنها التغلب على تلك المشكلة عبر اللجوء إلى شركات «التخصيم» أو «العوملة»، حيث يمكنها أن تسترد نسبة قد تصل إلى 90% من مستحقاتها مقدماً دون الحاجة للانتظار حتى تاريخ استحقاق الفواتير الخاصة بها.

وأكد أن استعانة الشركات الصغيرة والمتوسطة بخدمات شركات التخصيم، يجنبها الوقوع في ضائقة مالية نتيجة التدفق النقدي المحدود، ويساعدها في إدارة العمليات بكفاءة أعلى مع الحفاظ على النمو والازدهار نظراً لتوفر التمويل اللازم للمشاريع.
ويعرف عبد الرازق، عملية التخصيم بأنها نوع من التمويل المدين، حيث تبيع الشركة حساباتها المدينة (أي فواتيرها) إلى طرف ثالث (يسمى «عامل») بسعر مخفض. 
وقال إنه عبر التخصيم يمكن للشركات الاستغناء عن انتظار وقت الائتمان المتفق عليه مع المشتري، واللجوء إلى شركة تخصيم لسد فجوة الائتمان بين البائع والمشتري، عبر منح البائع دفعة مقدمة (بنسبة متفق عليها) مقابل الشحنات/ عمليات التسليم. 
وأوضح أن اللجوء إلى شركات التخصيم يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على العمل ضمن شروط الائتمان، ويعزز من كفاءة إدارة التدفقات النقدية ونمو أعمالها بمعدل قد يكاد يكون ثابتاً، لافتاً إلى أن التخصيم يساعد على الحد من مشكلة السداد المتأخر في الإمارات عبر خضوع الذمم المدينة للتأمين، حيث تحد هذه الميزة من الخسائر الناجمة عن عدم القدرة على تحصيل الدفعات من العميل لأسباب معينة كالإعسار والإفلاس، إذ يحصل العميل على تأمين شامل لكامل مستحقاته في حال حدوث أي مما سبق.
وأشار عبد الرازق، إلى أن التعاملات الائتمانية تلعب دوراً ريادياً في اقتصاد دولة الإمارات، لذلك تسعى معظم الشركات وخاصة الصغيرة والمتوسطة لتنفرد بتقديم شروط ائتمانية مميزة لجذب المزيد من العملاء. وبين أن شركات التخصيم تقوم بالمراقبة والرصد والمتابعة باستمرار لعمليات التحصيل من المدين وتنظيمها وفوترتها وتقوم بمتابعة العائدات وتسجيل كل الإجراءات ونقلها للعميل، منوهاً بأن ذلك الأمر يكون قد نظم أداة لحفظ سجلات العملاء، كما يقوم بالإشراف على عمليات الجمع من المشترين لضمان التسويات السريعة. وأضاف عبد الرازق، أن التخصيم يمكن الموردين من الحفاظ على اتساق بياناتهم المالية عبر تقليص الذمم المدنية الكبيرة، ولا حاجة للتصريح عن التخصيم ضمن الميزانية، حيث إنه يقوم بالتسديد الفوري للمدفوعات الائتمانية ليزيد السيولة والتدفق النقدي للشركة، مختتماً بالتأكيد على أنه نظراً للدور الريادي الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة بكونها المُحرك الرئيس لاقتصاد الدولة وتشغل نسبة 95% من إجمالي الشركات وبنسبة إشغال تتجاوز الـ 86% للقوى العاملة، أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات فاعلة للحد من مشكلة السداد المتأخر.

إدارة النفقات 
تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، صعوبات في كيفية إدارة النفقات المالية وتطوير الخدمات بما يتناسب مع معالم الاقتصاد الجديد في حقبة ما بعد الجائحة، ومن أجل التكيف بشكل فعال مع المتغيرات الاقتصادية عالمياً.

وأكدت أميرة فاضل، المدير العام لشركة «تريبال» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن التحكم في النفقات ومراقبتها يشكل العامل الأساسي في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وقالت إن رقمنة العمليات المالية وتحليل البيانات، عبر التعاون مع المنصات المتخصصة في هذه المجالات تُمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة من تطوير أدائها بشكل كبير من خلال منح أقسام الإدارة المالية تصوراً دقيقاً للنفقات، ما يسمح لهم بالتركيز على تحقيق المزيد من الأرباح وبالتالي استدامة نمو الأعمال، منبهة أن مراقبة النفقات والتحكم فيها بشكل فعال يعد جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية التحول الرقمي للشركات، لأنها تتيح لهم تخفيض نسبة المخاطر وتجنب المضاعفات، التي غالباً ما تأتي كنتيجة لاستخدام النظام التقليدي في إدارة النفقات، مثل الأخطاء الشخصية، والفواتير المزيفة، والاستخدام غير السليم للموارد المالية.

الحصول على السيولة 
يمثل حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على رأس المال العامل أهم الصعوبات التي تواجه رواد الأعمال في القطاعات المختلفة. وبات من الضروري أن تتمتع الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تحصل على خدمات شاملة من قطاع الخدمات المالية، بالقدرة على الوصول إلى رأس المال الكافي عند الحاجة، لدعم نموها وتمكينها من التأثير إيجابياً على منظومة الأعمال بالكامل.
وقال فيكتور بينا، الرئيس المشارك لخدمات المعاملات العالمية لدى بنك المشرق، إن البنك أطلق برنامج «تمويل الموردين» لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحصول على السيولة وتسهيل حصولها على رأس المال العامل بتكلفة معقولة. وأكد أن «المشرق» قدم برامج تدعم الغايات للمساهمة في سد فجوة التمويل أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة أن هناك اهتماماً متزايداً من قبل الشركات الفاعلة بتعزيز استقرار بيئة الأعمال والخدمات المالية.

وأوضح أن برامج تمويل الموردين من بنك المشرق تعود بفوائد كبيرة ومتنوعة عليهم، إذ لا يقتصر الأمر على ضمان توفير رأسمال عامل بتكلفة معقولة، بل تساهم هذه البرامج أيضاً في تحسين عمليات التحصيل وتقليل التكاليف العامة. وفي المقابل، يمكن أن يستفيد المشترون من تحسين دورة رأس المال العامل لديهم، وزيادة كفاءة عمليات إدارة المدفوعات، وتعزيز شبكة سلاسل الإمداد، وبالتالي دفع عجلة نمو أعمالهم.

مرونة الأعمال
تسعى الشركات الصغيرة والمتوسطة لمواجهه تداعيات أزمة وباء «كوفيد-19» عبر إيجاد فرص أعمال جديدة وتعزيز مرونة الأعمال على المدى البعيد وزيادة الأرباح. ووفقاً لتقرير صدر عن مبادرة «موطن ريادة الأعمال» التابعة لوزارة الاقتصاد في الإمارات، كانت الشركات الصغيرة والمتوسطة التي سخّرت التقنيات الرقمية أكثر قابلية لإيجاد فرص أعمال جديدة خلال الوباء بمعدل الضعف مقارنة بالشركات الأخرى الأقل استخداماً لتلك التقنيات. 
ويحدد جيرهارد هارتمان، نائب رئيس المشاريع متوسطة الحجم في «سايج» الشرق الأوسط وإفريقيا، عدداً من الأسباب التي تحفز الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاستثمار في تحسين قدراتها التقنية والعمل على أتمتة العمليات الروتينية، فقال إنها تشمل مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على أن تتحلى بالكفاءة والمرونة وزيادة تركيز الموارد البشرية في الشركة على الأمور الاستراتيجية وخدمة العملاء والمجالات الأخرى ذات القيمة المضافة.  وأضاف أن التكنولوجيا المبتكرة تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة ميزات المرونة والكفاءة والاطلاع الكافي لإدارة الشؤون المالية والعمليات والموظفين، للحصول على رؤية دقيقة لأداء الأعمال وتوقع التوجهات المستقبلية وتحسين الأرباح.

وأشار إلى أنها تمكن من التكيف بشكل أفضل مع المتغيرات، فمثلاً تساعد التقنيات السحابية الحالية على العمل من أي مكان، وتتيح نماذج التجارة الرقمية استمرار العمل خلال الأزمات والأوقات الصعبة مثل الوباء، كما تساعد التكنولوجيا على توقع التهديدات والمخاطر التي تواجه الأعمال والاستجابة لها، وهي ضرورية لضمان الامتثال للقوانين واللوائح الضريبية. ولفت إلى أن من أهم الأسباب التي تدفع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الاستثمار في تحسين قدراتها التقنية، هو الاستعداد للرخاء والشدة، إذ أن استخدام الشركات الصغيرة والمتوسطة لأنظمة تكنولوجيا معلومات محدّثة ومرنة تعزز من إمكانات النمو واستغلال فرص الأعمال الجديدة، إضافة إلى مجابهة المتغيرات المفاجئة في بيئاتها التشغيلية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©