الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبد المالك أشهبون: اختبار الذات وإعادة قراءة السرديات في رمضان

عبد المالك أشهبون
29 ابريل 2022 02:00

محمد نجيم (الرباط)

في حديث خص به «الاتحاد»، يقول الناقد المغربي الدكتور عبدالمالك أشهبون مُتحدثاً عن عاداته وطقوسه الرمضانية: من ذكريات أول صيام تجريبي لي، وأنا طفل صغير خلال شهر رمضان في عز فصل الصيف المعروف بحرارته المفرطة في مدينة فاس. وكان الهدف المرسوم هو اختبار الذات ومدى قدرتها على تحمل صيام يوم بكامله، بعدما كنا نصوم نصف اليوم أو أكثره.
ويضيف الدكتور أشهبون مُستحضراً طفولته: هكذا قررت الصيام في ذاك اليوم بعزيمة وإصرار، متحدياً حر الجو ونداء الأمعاء وهي تتلوى جوعاً، وما إن انتصف النهار حتى بدأ الوهن يدبُّ في جسدي، وتزايدت حاجة جسمي الغض للماء، يومها اكتشفت أن العطش غلاب، وللتغلب على هذه الحاجة الطبيعية الملحة، كنت أتمضمض لأبقي قليلاً من الماء في فمي، فأبلع ما تيسر منه بين الفينة والأخرى، وهي حيلة أعتقد أن كثيراً من الأطفال الصغار قد يستعملونها، لأنهم لا يستطيعون تحمل العطش في حر الصيف.
وأتذكر معلم العربية في المدرسة بفاس، كان يستفيض في شرح فوائد الصيام في دروس التربية الدينية، وكل مرة كان يركز على أن من أهم الفوائد فيه إحساس الغني بجوع الفقير، بالإضافة إلى فوائد أخرى عديدة، منها ما يعتري النفوس في هذا الشهر الفضيل من سكينة وهدوء وصفاء روحي، حيث تستغرق ذات الصائم في العبادة، بعيداً عن شهوات الدنيا وملذاتها.

طقوس رمضانية
ويضيف د. أشهبون: لكن في بعض الأحيان أجد أن بعض عاداتنا وطقوسنا اليومية الرمضانية، قد لا تلائم هذه الفوائد، ففي هذا الشهر بالذات، تزداد حدة المزاج العصبي لدى بعض الأفراد بدعوى الصيام، وفيه أيضاً تحفل الموائد بما لذ وطاب من أصناف المأكولات، التي تورث المبالغة في استهلاكها الكسل وعسر الهضم وانتفاخ البطن من جراء الاستغراق في الأكل حد التخمة.. ألم يقل القدماء «إن البطنة تذهب الفطنة»؟
ولكن بالمقابل، يقول الدكتور أشهبون: تتاح للكاتب فرصة أن يستفيد من هذا الشهر في القراءة أكثر من الكتابة، فطالما أعدت قراءة بعض الروايات والكتب في هذا الشهر، حيث إن الليل يطول حتى السحور، والكل في حالة سمر ليلي تقام فيه الصلاة وتتعدد طقوس التعبد. وفيه نتبادل الزيارات العائلية، كما نحرص على مشاهدة بعض المسلسلات التي تستحق المشاهدة، بعد التعرف من قبل عن الموضوع الرئيس لهذا المسلسل أو ذاك، حيث تشهد القنوات التلفزيونية عادة في هذا الشهر منافسة شرسة فيما بينها، وترتفع نسبة المشاهدة، وقد تزداد الوصلات الإعلانية أحياناً إلى حد لا يطاق.
وعن قراءات الدكتور أشهبون: من القراءات الأدبية التي أداوم عليها في رمضان، الاستمتاع بالنصوص السردية التراثية التي تعود بي إلى عوالم من تاريخ الحضارة العربية، سواء من خلال «ألف ليلة وليلة» أو «بخلاء» الجاحظ أو «مقامات» الهمداني والحريري... وغيرها من النصوص السردية الجميلة. كما لا يفوتني أيضاً أن أعيد قراءة بعض روايات نجيب محفوظ، وعلى سبيل المثال لا الحصر قراءة «الثلاثية» التي تشكل لي مسلسلاً مكتوباً، أقرؤه كل مرة بعين ناقدة جديدة، ومن زوايا نظر مغايرة. أما الكتابة في رمضان، فتنصب على ترميم بعض المقالات، والكتب قيد النشر، من خلال إعادة قراءتها مرات ومرات، للبحث عن آفاق نقدية جديدة تغني الدراسة، وتثري المخطوط بما يشكل قيمة مضافة في النهاية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©