الإثنين 20 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مهرجان العين للكتاب.. احتفاء بالثقافة والعراقة والجمال

علي بن تميم
19 نوفمبر 2022 01:37

د. علي بن تميم

تشكل معارض الكتب منصات حيوية لنشر المعرفة وحب القراءة ومشاركتها، وهي في الوقت نفسه مرآة لصناعة النشر وإنتاج الكتاب بمختلف أنواعه، ومن خلالها يتكرس حضور الكتاب وثقافة القراءة، خدمة لأهداف تنموية كبرى، تتجلى في النهوض بالمجتمعات، وما تملكه من مقدرات فكرية ومعرفية، لتكون قادرة على التأثير في الثقافات الأخرى والتفاعل معها على قاعدة من الفهم المشترك.

في الوقت ذاته تعكس معارض الكُتب ملامح المُدن التي تحتضنها، تحمل هويتها وشخصيتها، وتقدّمها للشعوب والحضارات الأخرى التي تزورها، فجمهور معارض الكتب لا يجدون ضالتهم من مصادر المعرفة والفكر وحسب، بل يكتشفون أيضاً جماليات المدينة التي تحتضن تلك الاحتفالية وتحتفي بزوّارها، ومن هنا كان على معرض العين للكتاب أن يتحول إلى مهرجان معرفي يحتفي بالكتاب والثقافة والجمال والحياة، لأنه بالفعل منصة ثقافية رائدة تعزز حضورها على مدار سنوات طويلة، ولأنه جزء لا يتجزأ من إرث مدينة العين، هذه المدينة الجميلة التي تأخذ زوّارها إلى حضارة عمرها نحو 5000 عام، تتجوّل معهم في طبيعتها الخلّابة، وجمالياتها الآسرة، تروي لهم حكاية التاريخ القديم والمتجدد، وقصة الأرض التي كانت وما زالت مصدراً للخير والعطاء والمحبة وكرم الضيافة، مدينة الصروح الشامخة والإرث العريق، وقامات النخل الباسقة، والأفلاج وعيون المياه والآبار والمياه العذبة.

كلّ هذه الصفات الجوهرية، جعلتنا في مركز أبوظبي للغة العربية ننظر للحدث الثقافي المرتبط بالكتاب والثقافة في «العين» نظرة مختلفة، كنّا نبحث سنوياً عن خطط واستراتيجيات جديدة من أجل تطوير واقعه والارتقاء به نحو آفاق طموحة، حتى جاءت اللحظة التي تقرر فيها تحويله إلى مهرجان، في خطوة نوعية هدفت إلى توسيع نطاق هذه التظاهرة الثقافية ليصل صداها إلى جميع أفراد المجتمع، ونفتح صفحة جديدة في كتاب تاريخ العمل الثقافي في المدينة نحو آفاق جديدة، وأحلام وتطلعات أكثر رحابة تخوّلنا تحقيق الغايات والطموحات التي تتجلى في تسليط الضوء بشكل أكبر على الإرث الثقافي الغنيّ لمدينة العين، وتكريس مختلف الجهود ومضاعفتها من أجل إبقاء وهج الإبداع حاضراً ومعطاءً لدى جموع الكتّاب والمثقفين والمبدعين الإماراتيين والعرب.

لقد انطلق مهرجان العين للكتاب مكتنزاً في طياته التاريخ الحافل لمعرض العين للكتاب على مدار اثني عشر عاماً. انطلق في حلة جديدة تحتفي بالآداب والفنون والكتاب، يسعى لتعزيز القراءة عادةً يومية في حياة الناس، والكتاب مصدراً للمعرفة والإبداع والجمال في نفوسهم، ولهذا وضعت خطّة متكاملة ليظهر هذا الحدث بهوّية جديدة مستمدّة من عراقة وتاريخية المدينة وألقها التراثي والحضاري، وكان الحرص على أن يقدّم المهرجان هذا العام لزوّاره مجموعة متكاملة من الفعاليات الثقافية التي تدمج بين الفنّ والأدب والشعر والفنون الأدائية ومختلف أشكال الإبداع، ليس في مكان واحد فقط، بل في خمسة مواقع حيوية، من مواقع «العين» المميزة، ليعم وهج الثقافة وجمال الفنون، ويصل إلى جميع أفراد المجتمع.

وها هي مدينة العين بهويتها المتفرّدة وسماتها الحضارية العريقة، تستقبل زوّارها في هذا الحدث الذي ينسجم مع مكانة دولة الإمارات كحاضنة لأهم الفعاليات الثقافية والمجتمعية عربياً ودولياً، ولاسيما أنها تحشد حولها نخبة من المبدعين في مختلف المجالات، وتوفر لهم كل الدعم، ليحققوا طموحاتهم وأهدافهم في شتى المجالات، ولهذا حمل المهرجان هذا العام شعار «العين أوسع لك من الدار»، لينسجم مع هوية المدينة التي تمتاز بطابع الكرم والضيافة العربية، وطابعها التراثي والعمراني، ومعالمها الطبيعية الخلّابة. فكان هذا الشعار انعكاساً لواقع مدينة تحتضن زوّارها بحبّ، ترحّب بهم بزهو التاريخ وعبق الأصالة الإماراتية.. لتبقى «العين» أوسع من أي مكان آخر، فهي القريبة دوماً من الجميع.

رئيس مركز أبوظبي للغة العربية

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©