السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كُتّاب يناقشون أدب «الكتابة بعيداً عن الأوطان»

جانب من جلسة «الكتابة بعيداً عن الأوطان» (من المصدر)
10 نوفمبر 2023 23:45

الشارقة (الاتحاد)

اتفق عدد من الكُتّاب على ضرورة وضع مفاهيم جديدة تحدد سمات الكُتّاب البعيدين عن أوطانهم، موضحين أن الشتات أو المنفى لم تعد قائمة كما كان في السابق، نظراً لتغيّر الكثير من الظروف بفعل الثورة الرقمية التي نعيشها، وظهور مجتمعات الجاليات العربية في الغرب.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الكتابة بعيداً عن الأوطان»، التي أقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ42، واستضافت كلاً من الأديب العُماني د.هلال الحجري، والروائية السورية سمر يزبك، والروائية العراقية بتول الخضيري، والأديب اليمني د. همدان دماج، وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري.

ملامح أدب الشتات
وقال الشاعر والباحث، الدكتور هلال الحجري، إن الدراسات العربية ربما تفضّل استخدام كلمة «المهجر»، والتي يسميها البعض كتابات المنفى، ففي العصر الحالي هناك مساق معين ندرّسه لطلابنا نسميه «أدب المهجر»، ويتناول هجرة الكُتّاب العرب في مطلع القرن العشرين إلى الأميركتين، وتشكَّل عنها أدب له سماته وخصائصه، ولكنَّ المؤرخين للأدب قالوا إنها ظاهرة تاريخية وقد توقفت.
وأضاف: «لهذا السبب تقول دراسة الشتات في الجامعات الأجنبية، إن هذا الأدب مستمر طالما هناك منافٍ وكُتّاب تركوا أوطانهم أو اضطرتهم الظروف إلى الخروج منها»، مشيراً إلى أن مصطلح الشتات هو الأكثر شمولاً والأكثر دراسة، بل إن هناك دراسات ثابتة في العلوم الأجنبية تسمى دراسات الشتات، وهناك معهد متخصص باسم معهد الدراسات الدولية للشتات والعبور الثقافي تديره 4 جامعات دولية من جنسيات مختلفة، بهدف دراسة التمثيل الثقافي والتمثيل الذاتي لشعوب من شتاتات مختلفة.
وذكر الحجري، أن ويليام سافرون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كلورادو، رسم مجموعة من الملامح المميزة لأدب الشتات، منها مرتبط بتشتت شعب أو أسلافه عن مركزهم الأصلي إلى وطنَين هامشيَين أو أكثر، وهناك ما يتسم بذاكرة ترتبط بأسطورة عن هذا الوطن، وكذلك الإحساس بعدم القبول أو الاغتراب في المجتمع المُضيف.
وأشار إلى أن من بين الملامح، الاحتفاظ بذاكرة جامعة بأن الوطن الحقيقي هو وطن الأجداد، وأن العودة له حتمية في أي وقت، فضلاً عن سمة أخرى تتعلق بتعريف واعٍ للعرق ناتج عن الإحساس بهذا الوطن.

تغيُّر المفاهيم 
وبدورها، أكدت الكاتبة والروائية سمر يزبك، أن كل المفاهيم التي كنا نتحدث عنها مسبقاً حول الهجرة أو الشتات أو أدب المنفى تمر بمرحلة تغيير كبير، وقالت: «لم نعد نتحدث عن المنفى كما في السابق بعد الثورة الرقمية، وبالنسبة لي كعربية سورية فالحديث عن الأوطان لكُتّاب مثلنا لا يحتم أي مقاربة من أي نوع للشعرية والغنائية والحنين كما هو الغالب لشعراء المهجر في الماضي».
وقالت سمر يزبك: «لدينا أدوات جديدة للتعبير والتغيير والعلاقة مع الوطن، فقبل ذلك كان هناك مشاع للعلاقة مع الوطن من الحنين أو البكائية على الفقد، ولكن الآن نحن متصلون بشكل أكثر بما يحدث في المكان الذي خرجنا منه، فلا أستطيع أن أقول إنني منفية أو أعيش في الشتات، ولكن أقول دائماً نحن ما زلنا في بلادنا وأوطاننا».
وأضافت: «حتى المفهوم الجغرافي في فلسفة المكان تغير، فلم تخرج نصوص في السنوات العشر الأخيرة ذات شعرية غنائية تتحدث عن المنفى كما في السابق، ومن ثم فنحن الآن في انتظار ولادة إنسانية جديدة بما فيها علاقتنا بالأدب والأوطان وتعريف مفاهيم أخلاقية، وكذلك علاقتنا النفسية بمفهوم الكلمة وتأثيرها».

ثورة الاتصالات 
ومن جانبه، أكد الأديب والكاتب همدان دماج: «إننا بحاجة اليوم إلى إعادة شرح مفاهيم الغربة والبعد عن الوطن»، قائلاً: «إن الجيل الحالي من الكُتاب الذين يعيشون خارج أوطانهم الأصلية في الوطن المضيف، لا يستطيعون أن يقارنوا بالأجيال السابقة من الكتاب أو المبدعين الذين هاجروا في فترات سابقة».
وأوضح أنه يوجد عاملان يعكسان هذه المقارنة، أولهما أن الذين غادروا سابقاً كانوا قلة يشعرون بالعزلة، ولكن اليوم نعلم وجود جاليات عربية في أوروبا، ومن ثم فإن الشعور بالحنين للوطن يخف لأن هناك مجتمعات محلية تتكون. أما العامل الثاني، فهو ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعي التي نعيشها، والتي جعلت البعيد قريباً والقريب بعيداً.
وأشار همدان دماج إلى أن التعاريف الكلاسيكية لمفهوم البعد والحنين والاغتراب بحاجة إلى إعادة تقييم لأن الظرف الذي نعيشه مختلف، فالاغتراب لم يعد هو الاغتراب بالمعنى الكلاسيكي.

الوطن شعور
وبدورها، أوضحت الكاتبة العراقية بتول الخضيري، أن علاقتها باللغة العربية استغرقت وقتاً طويلاً لحين الوصول إلى الكتابة، بسبب ضعف اللغة لديها في طفولتها، لأنها لعائلة من رجال أعمال وأم أسكتلندية، تتحدث الإنجليزية فقط، لافتة إلى أن والدها كان له دور مؤثر في تعلمها العربية عبر «الشعر العربي».
وقالت: «كان لديّ الحنين للوطن وأنا موجودة فيه، وبقيت 6 سنوات لم أستطع رفع العلم العراقي في المدرسة أثناء طفولتي، وكان البعض يعتبرني مغتربة نظراً لكون والدتي أسكتلندية، ولكن حينما تركت العراق كان هدفي رفع العلم العراقي بكتاباتي».
وتابعت: «أصعب شيء عشته أبرزته في روايتي الأولى أثناء حرب الخليج عام 90، وحينها شعرت بأن نصفي الغربي يقصف نصفي الشرقي، فأصررت على كتابة رواية تعبر عن تلك المشاعر»، مضيفة: «كنت بالداخل بنتاً غربية، وبالخارج بنتاً عربية فلم أتخلص بسهولة من تلك الازدواجية، ولكني اكتشفت أخيراً أن الوطن ليس مكاناً أذهب إليه لكنه شعور أصطحبه معي أينما أذهب».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©