السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ملحمة الرموز في أعمال مصطفى زوفري

الفنان مصطفى زوفري في مرسمه (من المصدر)
14 ديسمبر 2023 02:01

محمد نجيم (الرباط)
تأخذنا أعمال الفنان التشكيلي المغربي العالمي مصطفى زوفري المعروضة في رواق باب الرواح بالرباط، إلى عالم من الإشارات والرموز والإيقونات والخطوط المغربية والأفريقية، لوحات تحتفي بما هو مغربي وما يمنح البهجة والفرح للمتلقي. أعمال وسرديات بصرية تحتفي بالمكون الثقافي للمغرب ولأفريقيا بإحساس ضاج بالحياة وموسيقى الألوان من خلال الغوص في الثقافة الشعبية بما تتضمنه من رسوم وإشارات وخطوط نجدها في القصبات والقصور القديمة، كما نجدها في الأوشام التي تزين وجوه النساء في القرى وجبال الأطلس بغناها واستعاراتها الهندسية والجمالية القائمة على استحضار الطلاسم والتعاويذ، وروحانية السرد البصري الموغل في المِخيال الجمعي المغربي والأفريقي، والمُعبرة عن الثقافة المغربية باختلاف روافدها.
قدمت الفنان المغربي مصطفى زوفري في أشهر قاعات العرض في العالم ترسم ميتافيزيقا الخيال المغربي في فن ينهل من معين الحياة لتعبر نحو الفرح والفضاء العمومي في محاولة منه الحفاظ على هذا الكنز من التلاشي والنسيان وحماية ذلك الثراء الجمالي من ما الطمس والتلاشي والنسيان.

السيمفونية الأفريقية
في «السيمفونية الأفريقية» وهي جدارية عملاقة تزين الواجهة الرئيسية لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، لا يمكن للمرء إلا أن ينبهر أمام هذا المَعلم الفني الذي يحتفي بألوان أفريقيا من شمس ساطعة وأزياء ومآثر عمرانية وخزف ورقصات وحيوانات وأشكال فنية وكائنات خرافية ورسوم طلاسم وأيقونات وعلامات أفريقية، وهي كما قال الفنان مصطفى زوفري تلتقي وتتماهى بصرياً وجمالياً مع ما نجده في رسوم السجاد المغربي والأوشام والرسوم الخزفية، ما يؤكد عراقة الفن الأفريقي وانسجامه مع الثقافة المغربية بروافدها المتنوعة.
أما عن سر اشتغاله على الرموز واستحضارها في أعماله فيقول: «أشتغل على هذه الرموز كما يشتغل الموسيقي على النوتات، أشتغل عليها من الناحية الفنية، وأحرص على أن يكون هناك الكثير من انسجام فيما بينها لتؤثر على المشاهد كما تؤثر الموسيقى على المستمعين»، مضيفاً: خلال افتتاح المعرض، أن هناك موزعاً فرنسياً كبيراً اسمه بيير بوليز اشتغل على هذه المربعات التي لا تزال تحظى باهتمام في الغرب، ويتم من خلالها الاشتغال على أشكال كثيرة، وهي معروفة كذلك في الصحف بـ«السودوكو»، وبينما حولها الفقهاء إلى حروف وأنتجوا بها الطلاسم، أحولها أنا إلى أشكال وألوان».

فضاء سينوغرافي
يرى الفنان مصطفى زوفري أن أعماله، من لوحات ورسوم وتنصيبات فنية وأقنعة وجداريات وفضاء سينوغرافي، هي أعمال خلاقة تتلاقى وتتحاور فيه إبداعات الفنان مع ما رآه وشاهده منذ فجر طفولته، ويقول إنه استلهم فنه من أحد أنواع الرياضيات التي كان يتقنها المسلمون في زمن مضى، لكن مع الأسف استخدمت هذه الرياضيات من طرف البعض في الطلاسم، وهي في الحقيقة تنظيمات توافقية هندسية، كما يوجد من رفضوا تمييعها وأعادوا إنتاجها في لواحات، وأنا اشتغلت عليها بطريقة الرقم الذهبي، الذي يعطي التوازن في الأشكال والألوان.
وعن رؤيته الفنية يقول: بدأت بالفن التجريدي الغنائي متأثراً في ذلك بجيرارد شنايدر، وماتيس، وبول كلي، وخوان ميرو وفريد بلكاهية. لوحات الفنان مصطفى زوفري تنهل من معين الأثر المغربي وتتمثل المجتمع المغربي وما يحفل به من طقوس وعادات روحانية ومعمار تقليدي وما تعج به المخيلة، مخيلة الفنان ومخيلة الناس البسطاء وحراس الأمكنة والذاكرة الجمعية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©