الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

إيزابيل أوكشوت.. ملكة «الخبطات» والتسريبات

إيزابيل أوكشوت
11 مارس 2023 00:53

لندن (الاتحاد)

أكثر من عشرة أيام مرت على تفجر الفضيحة ولم تهدأ بريطانيا بعد.. شظايا رسائل الواتساب المسربة من وزير الصحة السابق مات هانكوك مازالت تتطاير في كل اتجاه. الحرج طاله طبعاً وكثيرين، حتى الصحفية البارزة إيزابيل أوكشوت التي تقف وراء التسريبات المدوية، صارت هي الأخرى في مرمى النيران.
سربت أوكشوت التي تعمل محررة للشؤون الدولية في قناة «توك تي في»، أكثر من مئة ألف رسالة تم تبادلها بين وزير الصحة السابق مات هانكوك ووزراء ومسؤولين آخرين في ذروة وباء كوفيد-19 إلى صحيفة ديلي تليجراف بعدما حصلت على نصوص الرسائل منه هو شخصياً بغرض إعداد كتاب يحمل توقيعه عنوانه «مذكرات الوباء».
تعاقد هانكوك مع الصحفية الشهيرة لتقوم بدور «الكاتب الشبح»، حيث منحها المعلومات والوثائق والبيانات والتفاصيل الخاصة بموضوع الكتاب، وتولت هي صياغة الكتاب من وراء الستار.. ويبقى اسم الوزير وحده على الغلاف. وفي المقابل تحصل على أجر كبير (لكنها نفت الحصول على أي أجر) مع التوقيع على اتفاقيات عدم إفصاح عن كل ما اطلعت عليه خلال تأليف الكتاب.
طبعاً قامت الدنيا ولم تقعد بعد ضد هانكوك وآخرين من كبار السياسيين الذين أتى ذكرهم مباشرة أو عرضاً ضمن الرسائل التي فضحت أيضاً مواقف هانكوك وآخرين بشأن أسلوب تعامل الحكومة البريطانية مع تفشيء جائحة كوفيد 19، حيث تبين أنه كان هناك الكثير من الفوضى والجهل والتعنت والاستخفاف بحياة الناس، خاصة كبار السن.
لكن على صعيد آخر، تعرضت إيزابيل أوكشوت نفسها إلى موجة انتقادات قاسية، تركزت حول انتهاكها للأخلاقيات المهنية وخيانة الأمانة وخرق اتفاقيات السرية وفضح وخيانة المصادر، مقابل المال والشهرة، وتحقيق المزيد من النجاح أو لأسباب سياسية.. فهي بالأساس كانت تقف بقوة ضد عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومة البريطانية، ثم كشفت رسائل الواتساب التي مررها إليها هانكوك أن عمليات الإغلاق هذه ربما يكن لها ما يبررها، على النحو الذي روجت له حكومة بوريس جونسون.
يقول منتقدو أوكشوت إن بقيامها بتسريب هذه الرسائل (2.3 مليون كلمة)، ارتكبت خيانات عدة مركبة بضربة واحدة. فالوزير السابق مات هانكوك ليس هو المغدور به الوحيد الذي تعرض للخيانة في هذه الفضيحة.. فهناك أيضاً محطة تلفزيون «توك تي في» التي تعمل بها أوكشوت محررة للشؤون الدولية.. لقد كان يفترض أن تنشر هذه التسريبات المدوية من خلالها.. لكنه اختارت «تليجراف» المنافسة .. لماذا؟! لأسباب إيديولوجية. لأن الصحيفة «كانت تناضل ضد الإغلاق خلال الوباء»، بحسب تعبير أوكشوت في تصريحات لصحيفة الجارديان البريطانية.

تحدثت أوكشوت مع «الجارديان» عن معاناتها طوال العام الماضي من أجل كتاب هانكوك، وكشفت كيف أنها في الوقت الذي كانت تكرس كل طاقتها لكتابة مذكراته، كان هو يتلهى عنها بأمور أخرى، أقل أهمية.
وتضيف «لم أفكر في أي مشروع آخر متعلق بالوباء إلا بعد نشر كتاب مات في ديسمبر... استنزفتني هذه العملية تماماً، خاصة أن مات اختفى عن الأنظار في لحظة حرجة في تعاملات صعبة للغاية مع مكتب مجلس الوزراء، دون أن يخبرني أنه ذاهب».
ينضم إلى قائمة المغدورين أيضاً الذي تشملهم قائمة ضحايا الخيانات التي ارتكبتها أوكشوت مؤسسة «نيوز يو كيه»  التي يملكها إمبرطور الإعلام روبرت مردوخ الذي وظفها الصحفية البارزة براتب سخي جداً لتعمل كمحررة للشؤون الدولية، في مؤسسته العملاقة التي تضم مع  قناة TalkTV  العديد من الصحف الكبرى. وتظهر أوكشوت باستمرار في القناة للتعليق على التطورات الدولية والقضايا المهمة.
كانت القناة تعلم مع كثيرين في الوسط الإعلامي البريطاني أن «تليجراف» تحضر منذ أسابيع لخبطة صحفية كبرى.. لكنها لم تكن تعرف أن بطلة هذه الخبطة ستكون الصحفية التي تعمل لديها بأجر يحسده عليها كثيرون. وقد وجه رئيس تحرير صحيفة الصن التي تصدر عن المؤسسة نفسها كثيراً من اللوم إلى أوكشوت، قائلاً لها: كيف يمكن أن تختاري صحيفة منافسة لتحصل على كل هذا المجد. وأضاف في برنامج تلفزيوني أنه كان أمامها كثير من مطبوعات المؤسسة التي تقبض منها راتبها، لكي تعطيها هذه الرسائل.
وردت أوكشوت قائلة، إنها متعاقدة مع «توك تي في» كصحفية حرة، يحق لها العمل في صحف أخرى في الوقت نفسه. وتابعت «ببساطة لم تتناسب القصة مع الموقف التحريري لأي من صحف مؤسسة نيوز يو كيه». فهي أبداً لم تكن ضد الإغلاق خلال الوباء، مثلما فعلت «تليجراف».
وقد اتهم البعض الصحفية بأنها ربما تعاقدت مع هانكوك على تأليف الكتاب، فقط لاصطياده بمعلوماته ورسائله ووثائقه، ثم فضحه على الملء أو أنها ربما فعلت ذلك من أجل المال.. والمال فقط.
المدهش أن أوكشوت كانت قد أطلقت مع الوزير السابق كتابهما في ديسمبر الماضي بمتحف العلوم .. ثم إذا بها بعد أسابيع قليلة تجعله «فرجة» للجميع عبر تسريب الرسائل الخطيرة.

«سوابق» صحفية!
هذه ليست المرة الأولى التي تفجر إيزابيل أوكيشوت فضيحة مدوية مماثلة بالطريقة نفسها.. فقد سبق لها أن نشرت رسائل بريد إلكتروني سرية مسربة لسفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة، كيم داروك، يتحدث فيها بصراحة عن رأيه الشخصي في الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2019.
واستقال السفير من منصبه، تحت وطأة فضيحة الرسائل التي وصف فيها الإدارة الأميركية بأنها «خرقاء وتفتقر للكفاءة».

كيف دافعت بطلة الفضيحة عن نفسها؟
تمضي إيزابيل أوكشوت معظم وقتها الآن في الظهور على مختلف المحطات التلفزيونية للدفاع عن نفسها، ولتأكيد حجتها ومبرراتها فيما يتعلق بتسريب الرسائل.. وتقول إنه عندما تصبح المصلحة العامة على المحك، يتعين التخلي عن أي التزام آخر.. حتى ولو كان الحفاظ على سرية المصادر وعهود عدم الإفصاح. وبثقة شديدة ردت إيزابيل أوكشوت على كل الاتهامات التي تعرضت لها، قائلة إنها لم تبع الرسائل إلى التلغراف ولكنها كانت تعمل في المشروع كمراسلة، مضيفة: «أنا صحفية عاملة.. لم يدفعوا لي مقابل الرسائل.. كنت أساعد صحيفة ديلي تلغراف في التحقيق... لا أعتذر على الإطلاق عن التصرف من أجل المصلحة العامة في هذا الأمر».
وتابعت: «يجب أن يكون أي شخص يعتقد أنني فعلت هذا من أجل المال مجنوناً تماماً. يتعلق الأمر بملايين الأشخاص - كل واحد منا في هذا البلد - الذين تأثروا سلباً بالقرارات الكارثية بالإغلاق مراراً وتكراراً، غالباً بناء على أقل الأدلة، لأسباب سياسية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©