الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ضبط النفس.. فن وذكاء اجتماعي

ضبط النفس.. فن وذكاء اجتماعي
14 يوليو 2023 01:15

خولة علي (دبي) 
كثيراً ما تشتعل المواجهات والتوترات نتيجة لبعض التجاوزات في السلوك، والتصرفات التي قد لا يتحملها البعض، فتسود الاشتباكات اللفظية، ويمكن أن يتطور الأمر إلى التشابك بالأيدي. ويلجأ البعض إلى استخدام مهارات العلاقات الاجتماعية التي تكون بمثابة الباب الذي يوصد أمام هذه الصراعات، وتجنب الوقوع فيها، ومنها «فن التغافل» أو التجاهل عن تصرف أو سلوك معين، وعدم الاكتراث بزلات وهفوات الآخرين التي تتسبب في حدوث تصدع في العلاقات.
وأشار عدد من علماء النفس والاجتماع والمفكرين إلى أهمية أن يكون المرء أكثر حلماً وصبراً وتغافلاً عن بعض الأمور، كما قال الإمام الشافعي «الكيس العاقل هو الفطن المتغافل»، وهذه دلالة على أهمية التغافل الذي لا يجيده سوى العقلاء والأذكياء. 
بناء علاقات إيجابية
تقول د. منيرة الرحماني، مستشارة تطوير الذات، إن التغافل سلوك اجتماعي يتمثل في تجنب الصراعات والمشاكل، باللجوء إلى اللباقة والذكاء والتعامل بحذر مع الآخرين، ويعتمد هذا السلوك على تجنب النقاش الحاد، واللجوء إلى التعبير عن الرأي بطريقة لطيفة ومهذبة، والتركيز على النقاط المشتركة والإيجابية بين الأفراد بدلاً من الخلافات والسلبية، معتبرة أن فن التغافل أو التجاهل مهم للغاية في الحياة، حيث يساعد على بناء علاقات إيجابية مع الآخرين من دون النظر إلى صغائر الأمور.

وتضيف: «يمكن استخدام فن التغافل في التعامل مع الزملاء في العمل، والتفاعل مع الأصدقاء والعائلة، والتعامل مع الجمهور في المناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى تحسين فن التواصل بين الأفراد وتعزيز الثقة والاحترام المتبادل. ومن هنا، يعتبر فن التغافل مهارة اجتماعية مهمة يجب تعلمها وتطويرها، كما أنه يعزز روح التفاهم والايجابية والتعاون بين أفراد المجتمع».
أساليب ومهارات
ترى د. منيرة الرحماني، مستشارة تطوير الذات، أن من أبرز أساليب ومهارة فن التغافل، هو الاستماع الجيد وبشكل فعال، وعدم التحدث بشكل سيئ والتعبير عن الاحترام والتقدير للغير، وتجنب النقاشات الحادة، والتعامل بحذر مع الأشخاص الذين يميلون إلى الانفعالات الشديدة، حيث إن «فن التغافل» تكمن قدرته في تحسين العلاقات الاجتماعية وتجنب الصراعات والمشاكل، كما يمكن أن يساعد في تعزيز التفاهم والتعاون.
وتؤكد أنه في بعض المواقف لا بد من التعامل بحزم تام، عندما يتعلق الأمر بالمواقف التي تشكل خطراً على الصحة أو السلامة العامة أو الأمور التي تتطلب اتخاذ إجراءات قانونية، حتى لا تتفاقم المشاكل بدلاً من حلها.

مظاهر التغافل 
ويُعرّف عبد الرحمن العمري، مدرب مهارات شخصية، «فن التغافل» بأنه من فنون الحياة الاجتماعية ومن مهارات الذكاء الاجتماعي، ويعني في مفهومه الاجتماعي: التظاهر بعدم الانتباه لزلات وهفوات الآخرين، والعفو عن أخطائهم من دون إشعارهم بارتكابهم لها، موضحاً أن التجاهل أو التغافل له مظاهر عدة، فقد يكون تجاهلاً للشخص المسيء في سلوكه وتصرفاته، وكأنه غير موجود، حتى ينتبه ويعود إلى رشده، وبالتالي يعتذر عما بدر منه، عملاً بحكمة «إن القليل من التجاهل يعيد كل شخص إلى حجمه الطبيعي»، وهنالك تجاهل للأحداث والمواقف المؤلمة، والإلقاء بها خلف ظهورنا لنبدأ صفحة جديدة في حياتنا، إضافة إلى تجاهل العبارات الخارجة عن قواعد الذوق العام والقيم الأخلاقية. ويؤكد العمري أهمية اتباع مهارة التغافل في بعض المواقف الحياتية، فهي تمنح الفرد الوقت للتفكير أكثر، ودراسة المشكلة من مختلف جوانبها، على حين يُفقدك انشغالك بمواجهة السلوك السيئ تلك الفرصة، ويعزز من استمراره، كما يسهم أيضاً في توفير أجواء أسرية إيجابية بعيداً عن المشاحنات، في إطار العلاقة الزوجية أو تربية الأبناء، كما يوفر المساحة ليركز الفرد على الإيجابيات فقط، ليشعر الفرد بنوع من الطمأنينة والراحة النفسية.

كُن حكيماً 
وتشير شيخة النقبي (ربة أسرة)، إلى أن الحياة تجعلنا نلجأ إلى استخدام فن التجاهل، سواء كان على مستوى العلاقات الاجتماعية أو حتى مع الأبناء، من أجل الحفاظ على علاقة طيبة متواصلة بين الأطراف، وهذا الأسلوب يسهم في الحد من الخلافات واستمرار الود والمحبة، حيث إن ديننا الحنيف أمرنا بالحفاظ على العلاقات الاجتماعية لبناء مجتمع يسوده الاحترام والمودة والأخوة. وعلى صعيد الأبناء يمكن ممارسة هذا الأسلوب، حيث إن التجاهل يسهم في إدراك الابن للخطأ الذي ارتكبه، ليبدأ في تغييره وعدم تكراره، قائلة: «أجد هذا الأسلوب نافعاً ولكن يجب أن يستخدم بحكمة وليس في كل المواقف، فإذا لم أتجاهل أو أتغافل عن زلات وهفوات الآخرين سوف أتأثر نفسياً، وسوف تنطفئ بداخلي الشعلة الإيجابية، وقد يكون هذا ما يسعى إليه الطرف الآخر، لذا لا بد من الحكمة في استخدام فن التجاهل وعلى حسب الموقف، فهنالك أمور لا يجدي معها غض الطرف أو تجاهلها، بل لا بد من مواجهتها ووضع النقاط على الحروف».
عادة محمودة
تقول زينة حسن (ولية أمر)، إن من عادة الفضلاء التغافل عن الزلات أو اللوم والعتاب، وتجنب مجاراة الحمقى أو الجهلاء، فعندما يستخدم الفرد «فن التغافل» في بعض المواقف، يكون ذلك التصرف من الأمور الحميدة لتجنب حدوث أي مشكلة بين الطرفين، وهذا يتوقف على نظرة الفرد إلى طبيعة الحدث، وهنا لا بد أن يكون أكثر حكمة وقدرة على ضبط النفس، وجعل الأمور تسير بسلاسة وهدوء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©