السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: كيف تكلم عقلك الباطن؟

د. شريف عرفة يكتب: كيف تكلم عقلك الباطن؟
12 أغسطس 2023 01:12

تحدثنا في المقال السابق عن سطوة العقل اللاواعي «الباطن، اللاشعور..» على تصرفاتنا وقراراتنا. اليوم نكمل الحديث ونعرف كيف يمكننا التدخل وتغيير ما يدور في أغواره..
التغيير صعب. لأن العقل اللا واعي يعتبره خطراً ينبغي مقاومته. فما جربناه وكان ممتعاً (كالطعام اللذيذ..) علينا المواظبة عليه، لكن ما جعلنا نتألم «كالرياضة..» ينبغي علينا تجنبه كي لا يتكرر هذا الألم. إلا أن هذه القاعدة ليست صالحة في العصر الحديث كما ترى.. الشعور بالألم والانزعاج ليس البوصلة الصحيحة للوصول للحياة التي تنشدها.. فالعقل اللا واعي ما هو إلا آليات بدائية تهدف للبقاء والحفاظ على النوع. طيار آلي، ليس دوره التحليل والمنطق، بل استقبال رسائل أحادية يتصرف على أساسها. العقل الباطن لا يرى العالم. بل يعرف ما تعطيه له من مشاعر مكبوتة أو أفكار متكررة.
تلك الأفكار التي يسميها علماء النفس المعرفي السلوكي، المعتقدات أو القيم الجوهرية، التي تؤمن بها نبعث منها الأفكار التلقائية التي تهاجمك من حين لآخر. تأمل معي مثلاً هذه الأفكار الشائعة: «أنا لا أستحق. لست جديراً. لن أتغير. أنا منحوس. إما أن يكون كل شيء علي ما يرام أو تكون حياتي تعيسة..إلخ». هذه أفكار تعيقك عن الوصول لصورتك المثالية التي تحقق تطلعاتك. ربما تسربت لك هذه الأفكار في الطفولة أو بفعل إخفاقات متكررة، فترسخت مع الوقت لتصبح قناعات بديهية يتم الدفاع عنها تلقائياً.
ما الحل إذن؟ الحل إعادة برمجة العقل اللا واعي.. إيصال معتقدات وأفكار تجعله أكثر تقبلاً للتغيير أو على الأقل تحييد الألم الناجم عنه أو النظر إليه كشيء جيد. لكن أحياناً لا يمكننا أن نقوم بذلك عن طريق التفكير المنطقي. فالمدخن يعرف الأضرار، لكن عقله الباطن يدفعه للمواظبة على العادة المريحة! فكيف نقنعه بالعكس؟ هناك طرق عديدة تناولتها مدارس نفسية مختلفة.
أولاً، يمكننا أن نلقي نظرة خاطفة عما يدور في العقل الباطن.. عن طريق الأحلام، والاختبارات الإسقاطية، واختبارات الترابط الضمني.. وهناك عدة طرق، يمكننا من خلالها مخاطبة وعرس أفكارنا فيه.. منها على سبيل المثال:
- التنويم الإيحائي: والذي أصبح اسمه العلمي الأنيق حالياً هو التأمل. ويشمل تخيل سيناريوهات تعزز المعتقد الذي تريد ترسيخه، لأن هذا - وياللعجب - يساعد فعلاً في ترسيخه! العقل اللا واعي لا يفرق بين الواقع والخيال. لو تخيلت فقدان شخص عزيز عليك ستشعر بالضيق. لو تخيلت صورة المثالية في المستقبل ستشعر بمشاعر طيبة رغم أن هذا لم يحدث حقاً. لكن تكرار مثل هذه الصور الإيجابية - تجاه نفسك وحياتك - يرسخها وما يترتب عليها من شعور بالتفاؤل ينعكس علي ثقتك وأدائك. ومن أشهر هذه التدريبات: تخيل صورتك المثالية في المستقبل.
- التأكيدات اللغوية: تغير اسمها حالياً إلى الحوار الذاتي، أن يشجع الشخص نفسه ويكرر المعتقد المراد ترسيخه، بصيغة ضمير المتكلم الأول «أنا كذا» أو الشخص الثاني «أنت كذا»! وهو ما يستخدم بكثافة في علم النفس الرياضي.
- الكتابة: رغم السخافة التي تبدو عليها تدريبات الكتابة إلا أنها مفيدة جداً.. لأن الهدف ليس عقلك الواعي المنطقي، بل عقل باطن البدائي. هذه التدريبات مملة وتبدو بديهية، لكن تكرار ممارسة فعل الكتابة حول هذا الموضوع يغرس الفكرة الجديدة في العقل اللا واعي. من هذه التدريبات كتابة الأشياء الإيجابية التي في حياتك، لأن عقلك الباطن ليس آلة حاسبة تعطيك الشعور الناتج عن تقييم موضوعي لحياتك، بل ما تركز فيه يصبح واقعك! ومن التدريبات أيضاً كتابة المعتقد السلبي وتفنيده ودحضه، وكتابة المعتقد الإيجابي البديل والأدلة التي تدعمه … إلخ.
هذا علي سبيل المثال لا الحصر..
فما هي الوسيلة التي تفضلها؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©