أسعار الأسهم، التي هبطت في الأسابيع القليلة الأولى من أزمة كوفيد-19، عوضت الكثير من الخسائر. وقد عادت الآن إلى حد كبير إلى ما كانت عليه في الخريف الماضي، عندما كان الحديث يدور حول مدى جودة أداء الاقتصاد. فما الذي يحدث؟
حسناً، عندما تنظر في التداعيات الاقتصادية لأسعار الأسهم، يجب أن تتذكر ثلاث قواعد. القاعدة الأولى والثانية والثالثة، أن سوق الأسهم ليس هو الاقتصاد.
أي أن العلاقة بين أداء الأسهم –الذي يكون مدفوعاً إلى حد كبير بالتذبذب جشعاً وخوفاً وبين والنمو الاقتصادي الحقيقي، كانت دائماً في مكان ما بين كونها غير واضحة وغير موجودة. في ستينيات القرن الماضي، قال الاقتصادي «بول صامويلسون»: إن السوق توقعت تسعة من فترات الركود الخمس الماضية.

لكنني أود أن أقول إن هناك أسباباً أعمق لانفصال سوق الأسهم الحالي عن الاقتصاد الحقيقي: فالمستثمرون يشترون الأسهم جزئياً لأنهم ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه. وفي الواقع، هناك شعور بأن الأسهم قوية تحديداً، لأن الاقتصاد ككل ضعيف جداً.
فما هو البديل الرئيسي للاستثمار في الأسهم؟ شراء السندات. ومع ذلك، تقدم السندات هذه الأيام عوائد منخفضة بشكل لا يصدق. ومعدل الفائدة على السندات الحكومية الأميركية لمدة عشر سنوات هو 0.6% فقط، أي تراجع بأكثر من 3% عما كان عليه في أواخر 2018. فإذا كنت تريد سندات محمية ضد التضخم المستقبلي، فإن عائدها سالب نصف بالمئة.

لذا فإن شراء الأسهم في الشركات التي لا تزال مربحة على الرغم من الركود الناتج عن كوفيد-19 يبدو جذاباً للغاية. ولماذا أسعار الفائدة منخفضة جداً؟ لأن سوق السندات يتوقع أن يعاني الاقتصاد من الكساد لسنوات قادمة، ويعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل اتباع سياسات التيسير المالي في المستقبل المنظور. وكما قلت، هناك شعور بأن الأسهم قوية تحديداً لأن الاقتصاد الحقيقي ضعيف.
والآن، ربما تطرح سؤالاً واحداً هو لماذا انخفض السوق لفترة وجيزة في وقت سابق من هذا العام، إذا كان الضعف الاقتصادي هو أمر جيد بالنسبة للأسهم. والإجابة هي أنه لبضعة أسابيع في مارس، كان العالم يتأرجح على حافة أزمة مالية من النوع الذي شهده في عام 2008، مما تسبب في فرار المستثمرين من كل شيء بأقل قدر من المخاطر.
ومع ذلك، فقد تم تجنب هذه الأزمة بفضل الإجراءات العنيفة للغاية التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي، والتي تدخلت لشراء حجم ونطاق غير مسبوق من الأصول. وبدون هذه الإجراءات، سنواجه كارثة اقتصادية أكبر.
وهذا أحد الأسباب التي يجب أن تثير القلق بشأن محاولات دونالد ترامب تعيين موالين غير مؤهلين، لديهم تاريخ من دعم المذاهب الاقتصادية الغريبة، لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. تخيل أين سنكون الآن إذا استجاب الاحتياطي الفيدرالي لأزمة مالية تلوح في الأفق بالطريقة التي استجابت بها إدارة ترامب لوباء وشيك.

نعود إلى الانفصال بين الأسهم والواقع الاقتصادي، فالأمر يتعلق بظاهرة طويلة الأمد، تعود على الأقل إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
فكر في الجوانب السلبية التي تعلمناها عن الاقتصاد الحديث منذ 2007. لقد تعلمنا أن الاقتصادات المتقدمة أقل استقراراً بكثير، وأكثر عرضة للأزمات الدورية، مما يعتقد أي شخص تقريباً.
وقد تباطأ نمو الإنتاجية، مما يدل على أن الطفرة التي غذتها تكنولوجيا المعلومات في التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الـ 21 كانت أمراً يحدث لمرة واحدة. وكان الأداء الاقتصادي العام أسوأ بكثير مما توقعه معظم المراقبين منذ حوالي 15 عاماً.
ومع ذلك، حققت الأسهم أداء جيداً. عشية أزمة كوفيد-19، كانت نسبة رسملة السوق إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير من مستواها في 2007، وأعلى بكثير من ذروتها خلال فقاعة الإنترنت. لماذا؟
الجواب الرئيسي، هو التفكير في البديل. بينما تعافى التوظيف من الركود العظيم، لم يتحقق الانتعاش إلا بفضل معدلات الفائدة المنخفضة تاريخياً. والحاجة إلى معدلات منخفضة مؤشراً على الضعف الاقتصادي الأساسي: بدت الشركات مترددة في الاستثمار على الرغم من الأرباح المرتفعة، وغالباً ما تفضل إعادة شراء أسهمها. لكن المعدلات المنخفضة كانت جيدة لأسعار الأسهم.
لا شيء من هذا بمثابة تصريح بأن تقييمات السوق الحالية صحيحة تماماً. وإحساسي هو أن المستثمرين حريصون على الاستفادة من الأخبار الجيدة. لكن الحقيقة هي أنني ليست لدي أي فكرة إلى أين يتجه السوق.

*أكاديمي أميركي حاصل على نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»