تشير الإحصائيات والتقديرات إلى أن عدد مَن بلغوا أو تخطوا سن الستين، سيبلغ ملياري شخص بحلول عام 2050، أو ما يعادل 22% من البشر، أي واحد من كل خمسة أشخاص. وهذا التغير الملحوظ في متوسط أعمار البشر، يحدث بوتيرة غير مسبوقة.

فعلى سبيل المثال استغرقت فرنسا 150 عاماً كي تزداد نسبة الفرنسيين ممن تخطوا سن الستين من 10% إلى 20%، لكن يتوقع أن تحقق دول أخرى نفس هذه النسبة من الزيادة، مثل الهند والبرازيل والصين، في غضون عشرين عاماً فقط. وللأسف لم تترافق هذه الزيادة في أعداد كبار السن مع تحسن ملحوظ في الحالة الصحية العامة، فالمسنون في القرن الحادي والعشرين، لا يتمتعون بحالة صحية أفضل مما كان يتمتع به أقرانهم في الأجيال السابقة. وكما هو معتاد، يتعرض المسنون في الدول متوسطة الدخل والفقيرة، لعبء مرضي أكبر مقارنةً بأقرانهم في الدول الغنية.
لكن بغض النظر عن الحالة الاقتصادية للدولة التي يقطنها المسن، تحتل أمراض القلب والشرايين، والسكتة الدماغية، وأمراض الرئة المزمنة، المراتب الأولى على قائمة أسباب الوفيات بين أفراد هذه الفئة العمرية.
أما على صعيد الإعاقة، وما يصاحبها من تدهور في نوعية الحياة، فتتنوع أسبابها لتشمل الإعاقة الحسية، سواء البصرية أو السمعية، وخصوصاً في الدول متوسطة الدخل والفقيرة، يليها في ذلك آلام الظهر والرقبة، والانسداد الرئوي المزمن، واضطرابات الاكتئاب، بالإضافة إلى الحوادث الناتجة عن السقوط، والسكري، وعته الشيخوخة، والتهاب المفاصل. ويكفي أن نعلم هنا أن عدد المصابين بلعته أو الخرف، سيزداد بنهاية العقد الحالي إلى 78 مليون شخص، وإلى 139 مليون بحلول عام 2050.
ومما يزيد الطين بلةً، أن أفراد هذه الفئة العمرية أصبحوا يتعرضون للتمييز السلبي بناءً على السن أو العمر (Ageism)، والمشابه للتمييز السلبي المبني على العنصر أو العرق أو لون البشرة. ويحمل هذا النوع من التمييز في طياته عواقب خطيرة على المسنين وعلى المجتمع ككل، كونه يأخذ أشكالا عدة، مثل الممارسات الضارة والمجحفة، والسلوكيات المتحيزة والمؤذية، والتي أحيانا حتى ما تبلغ السياسات والقوانين، لتوقع ضرراً أكبر على المسن. تغيير هذا الوضع برمته، والذي سيجد واحد من كل خمسة أشخاص نفسه فيه خلال العقود القليلة القادمة، سيتطلب سياسةً عامةً وشاملةً، تأخذ في اعتبارها الصفات المميزة لمن تقدموا في العمر، على الصعد الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية.
وهو أقل رد ممكن للجميل، لفئة ساهمت خلال رحلة حياتها في بناء المجتمعات الحالية، بما تتمتع به من رفاهية وأمن وسلامة وتقدم علمي وتكنولوجي، وبالكثير من الجهد والعرق والكفاح.
 
*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية