كان الأطفال جائعين. انتصف نهار يوم الجمعة، ولم يتناولوا إفطارهم بعد. كما أنهم لم يكونوا يعرفون متى أو ما إذا كانوا سيتناولون الغداء. ومع ذلك، لم يشتك أو يبك أي منهم. يبدو أنهم كانوا معتادين على الانتظار. كانت أعمار الأطفال الثلاثة تتراوح بين 4 و11 عاماً. قال والدهم، ألبرتو، باللغة الإسبانية، وهو ينظر نحوهم: «لا ينبغي أن يكونوا في هذا الوضع. بل يجب أن يتم الاعتناء بهم.. أن يأكلوا ويستريحوا ويذهبوا إلى المدرسة».

خلال العام الماضي، عاشت الأسرةُ المكونةُ من خمسة أفراد في منطقة على أطراف واشنطن. إنهم مهاجرون غير مسجلين ولديهم مشاكل طبية خطيرة وليس لديهم منزل. كانت العائلةُ تعيش في شاحنة. وكان ينتهي بهم الحال كل ليلة في المكان الذي يمكنهم العثور فيه على ليلة هادئة والذهاب بسهولة إلى العيادة الطبية حيث يخضع الوالد، ألبرتو، لغسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً. يحكي الأب الأسباب التي دفعته إلى مغادرة السلفادور مع أسرته، حيث أطلق عليه أفراد العصابة النارَ ستَّ مرات لأنه رفض التعاون معهم.

وقال إنه لا يستطيع العمل بسبب الإصابات وتلف كليتيه نتيجة المضادات الحيوية التي تلقاها بعد الإصابة. لقد علمت عن ألبرتو وعائلته من منظمة Food Justice DMV، وهي مجموعة تطوعية تشكلت في بداية الوباء للتأكد من أن العائلات المهاجرة في منطقة واشنطن لن تجوع. بعد مرور ثلاث سنوات على انتشار الوباء، عاد جزء كبير من سكان المنطقة إلى ممارسة الحياة الطبيعية، لكن المجتمع لا يزال يشهد يومياً صعوبةَ العيش في حياة مستقرة، لاسيما بالنسبة للعديد من المهاجرين غير الشرعيين في المنطقة. تلقى المتطوعون عدداً متزايداً من طلبات المساعدة في وقت يحد فيه التضخم من مقدار ما يمكنهم تقديمه للعائلات.

وفي يوم الخميس، ولأول مرة، لم يتمكنوا من تزويد أكثر من 1000 عائلة بالزيت أو الماسا (نوع من الغذاء)، وهي مكونات أساسية للعديد من الأسر في أميركا اللاتينية. تقول دينيس وودز، مؤسِّسة منظمة Food Justice DMV، إنه في بداية الوباء، كان هدف المتطوعين هو خدمة 200 عائلة. لكنهم سرعان ما رأوا أن الحاجةَ كانت أكبرَ بكثير.. فالمتطوعون الآن يخدمون أكثر من 7000 أسرة. وبينما تركز المجموعة على معالجة الجوع، يتلقى المتطوعون أيضاً طلباتٍ للحصول على أدوات التنظيف مثل الصابون ومسحوق الغسيل. وفي الآونة الأخيرة، قاموا بتسليم أسِرّة إلى شقة بعد أن اكتشفوا أن 12 شخصاً، بينهم سبعة أطفال، يعيشون هناك وليس لديهم ما ينامون عليه.

مثل كثير من الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كانت «وودز» ترقب بحزن شديد التقارير الإخبارية الأولية التي كانت تتحدث عن وفاة 53 مهاجراً كانوا محاصرين في جرار مقطورة شديدة الحرارة مهجورة على طريق سان أنطونيو. كان المهاجرين يعلمون أنه إذا وصل أي من هؤلاء الأشخاص إلى منطقة واشنطن، فإن المنظمة التي تترأسها وودز ستطعمهم وتزودهم بوسائل الراحة الأساسية.

وكانت وودز تعلم أيضاً أن الأهوال التي يواجهها العديد من المهاجرين تستمر لفترة طويلة بعد عبورهم الحدودَ. كانت منظمة Food Justice DMV تحاول مساعدة عائلة ألبرتو منذ شهور، وعلى الرغم من تمكنها من توفير مواد البقالة والملابس وتكلفة الإقامة في غرفة بفندق في بعض الأحيان، إلا أنها لم تتمكن من إيصال الأسْرة إلى ملجأ.

قال الزوجان ألبرتو إنهما وصلا إلى منطقة واشنطن العام الماضي وأنفقا معظم مدخراتهما (حوالي 4000 دولار) على الشاحنة. وقد وافقا على نشر قصتهما، لكنهما طلبا مني الإشارة إليهما بأسمائهما الوسطى لأنهما يخشيان الترحيل أو العثور عليهما من قبل أفراد العصابة التي أطلقت النار على ألبرتو. قالت إميلدا، والدة الأطفال، إن بعض الناس يأتون إلى الولايات المتحدة لأن الحلم الأميركي جذبهم، لكن لم يكن أمام عائلتها خيار آخر سوى القدوم.

وروى الزوجان أنهما غادرا السلفادور في عام 2019 واستقرا لفترة في المكسيك، حيث كان لدى ألبرتو تأشيرة إنسانية. بعد أن وجد أفرادُ العصابة الأسرةَ هناك، استقلوا حافلة إلى كاليفورنيا. تقول إيميلدا إنهم بمجرد وصولهم إلى الولايات المتحدة، وجدوا محامياً ساعدهم في التقدم بطلب للحصول على اللجوء، لكنهم لم يروا أي تحرك بشأن قضيتهم. ويقول ألبرتو: «لسنا متفائلين للغاية. ولا يحدونا الأمل عندما يتعلق الأمر بالحصول على اللجوء. لكني بحاجة إليه. لا يمكنني العودة إلى السلفادور. والأطفال لديهم احتياجات طبية».

تيريزا فارجاس*

*كاتبة متخصصة في الشؤون المحلية الأميركية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»