يشكل التراث البحري جزءاً أصيلاً من التراث الشعبي في دول الخليج العربية عموماً، ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، وله أهمية موازية لتراث البر، حيث لا تزال تقاليد بناء السفن الخشبية مستمرة في ترسانات المدن الكبرى، إذ يقوم البحارة المهَرة ببناء السفن بالطريقة نفسها التي اتبعها أسلافهم منذ قرون.

وللبحر أهمية كبيرة في حياة أبناء الإمارات وتاريخهم، بدءاً من صيد اللؤلؤ، مروراً بصيد الأسماك، ووصولاً إلى عمليات التبادل التجاري.وتجسيداً لاهتمام الإمارات بالبحر وتراثه، اختُتمت في العاصمة أبوظبي، يوم أمس السبت، فعاليات النسخة الثانية من «مهرجان التراث البحري» الذي انطلق في السابع عشر من شهر فبراير الحالي، وبتنظيم من دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، حيث احتفى المهرجان بعناصر التراث البحري، التي من بينها صناعة الأشرعة، وبناء السفن، والصيد، وطرق إعداد السمك «المالح»، والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، بما يعكس بيئة وتاريخ أهل الساحل في الإمارة، حيث كان «المهرجان» من أهم المناسبات والفعاليات التراثية التي شهدت حضوراً متميّزاً، لما سجّله من مشاركة كبيرة، وتفاعل غير مسبوق من قِبل البحارة، وجميع الزوار، في أجندة فعالياته.

وإلى جانب الاحتفاء بالعادات والتقاليد التاريخية والتراثية لمجتمع البحارة وممارسي المهن المرتبطة بحياة البحر في أبوظبي، سلّط المهرجان الضوء على الدور الاقتصادي والثقافي الحيوي المرتبط بالبحر والمستمر حتى يومنا هذا، وذلك من خلال تطوير الشراكات وتعزيز الجهود، لترسيخ ممارسات الصيد البحري المستدامة، والحفاظ على الموارد البحرية.

وأتاح المهرجان الفرصة للزوار للتعرف إلى العادات والتقاليد البحرية المتأصلة بعمق في تاريخ أبوظبي وتراثها، بهدف رفع مستوى الوعي بالنشاطات البحرية، والاحتفاء بالتاريخ الأصيل. فعلى مدى 10 أيام متتالية، احتفت العاصمة الإماراتية بالتراث البحري للدولة، حيث حمل المهرجان زواره في رحلة عبر الزمن، ليجدوا أنفسهم يتجولون في قرية ساحلية تراثية تم تصميمها وبناؤها على الكورنيش، لتحاكي القرى القديمة في الإمارات.

وشهد المهرجان في نسخته الثانية تنظيم برنامج حافل بالفعاليات التي تناسب مختلف أفراد الأسرة من مختلف الأعمار، والتي جسدت ممارسات كانت تشكل جانباً مهمّاً في حياة أبناء البيئة الساحلية لسنوات طويلة، بتسليط الضوء على حقبة مهمة في المنطقة، شملت ورش عمل متنوعة، وألعاباً شعبية ورواية القصص وعروض الأداء التقليدية.

فهذا وطن «زايد» التي ينعكس فيه التراث الإماراتي في التقاليد الموروثة كافة، الخاصة بنمط الحياة الاجتماعية، وثقافة الطعام والزواج والطقوس الدينية والحرف اليدوية والفنون الشعبية، ومرافقها المتعدّدة التي تجسد تاريخ المنطقة، مثل القلاع والحصون والمساجد ومرافئ الصيد وأسواق السمك وأرصفة بناء القوارب ومراكز تدريب الصقور وأسواق الذهب وأسواق البهارات، وغيرها. 

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.