أبدى الأستاذ علي أبو الريش غضبه على “بعض” الملاحق الثقافية التي تصدرها الصحف الإماراتية. فقد كتب في عموده في “الاتحاد” متهما إياها بأنها تاهت في الشللية، وبأن مسؤوليها “يعضون اليد التي تمتد إليهم” (!). وهذا الاتهام بما يتضمنه من كلام لاذع لاسع، يجعل من عبارة “بعض” أداة شمول لا إستثناء. فمسؤولو الملاحق الثقافية، كما جاء في الاتهام، فضلا عما يقترفونه من إقصاء لأسماء بعينها وترسيخ أسماء أخرى، يتعمدون تهميش الشأن الثقافي المحلي لأنهم “لا يزالون يعيشون مرحلة المركزية الثقافية والأطراف”. وفي هذه التهمة، ظلم مزدوج للشأن الثقافي المحلي وللمتهمين أنفسهم، أجزم أن الكاتب لم يقصد كليهما. إن الحالة الثقافية في الإمارات، تتمتع بميزتين تكاد تنفرد بهما: فهي راسخة في مهدها رسوخ الأفلاج، وناهضة في فضائها نهوض الأبراج. بهذا المعنى فإنه يمكن القول بأن الحالة الثقافية الإمارتية، هي مشهد “بانورامي” للثقافة العربية في امتدادها والثقافة العالمية في أبعادها. وبهذا المعنى أيضا، استطاعت الصحافة الثقافية الإماراتية، و”الاتحاد الثقافي” أولها، أن تكون في قلب الحراك الثقافي “المحلي” تنقله وتحلله وتقرأ نواقصه وإضافاته.. ومن باب الإنتقاء، لا السرد، نسأل دون أن ننتظر إجابة: أوليس معرض الكتاب في أبوظبي، بمشاركة أكثر من 60 دولة وأكثر من 800 عارض هو حدث ثقافي محلي؟ أوليس انتماء مهرجان الشرق الأوسط السينمائي إلى هذا البلد يجعله جزءا من حراكه الثقافي؟ ألا ينطبق الأمر نفسه على المشروعات العملاقة لإقامة معاقل ثقافية مثل متحفي “اللوفر” و”جوجنهايم”؟ وأي هوية يمكن منحها لمعرض “آرت باريس ـ أبوظبي”؟ ومعرض بيكاسو؟ ومعرض كنوز الخليلي؟ ومعارض نتاجات المستشرقين؟ ومواسم الموسيقى الكلاسيكية الراقية؟ ومسابقة “أمير الشعراء” التي يشارك فيها المئات ويشاهدها الملايين على امتداد المساحة بين سومطرة وشنقيط؟ ولقد كان “الاتحاد الثقافي” في قلب كل حدث من هذا النوع، وعلى صفحات هذا الملحق صيغت العبارة التي تستحقها أبوظبي: بأنها العاصمة الثقافية الدائمة.. ولكن... ربما كان قصد صاحب الاتهام، يذهب مذاهب أخرى، وهو ما أشار إليه بعبارتي “التهميش” و”الترسيخ” لأسماء معينة. وهذه المسألة تحتاج إلى مزيد من الدقة، فأعداد “الاتحاد الثقافي” منذ تأسيسه تشهد أنه لم يضع “فيتو” على أي اسم، في الشعر والقصة والرواية والتشكيل والمسرح والسينما، ولم يقص أي نص تتوافر فيه عناصر الجدية. وعلى سبيل المثال كان للإصدارات الأولى لمشروع “قلم”، حضورها على صفحات الملحق. ثم إن كثيرين ممن صدرت نتاجاتهم عبر مشروع “قلم”، كانت إطلالتهم الأولى عبر صفحات “الاتحاد الثقافي”.. أما من لم يحالفنا الحظ باستضافته، أو استضافة كتاباته حتى الآن، فوق صفحات “الاتحاد الثقافي”، فإننا نرجو الأستاذ أبو الريش أن يوجه السؤال إليه أولا.. وهذه مناسبة، لكي نكرر دعوة حارة إلى جميع المثقفين الإماراتيين إلى بيتهم “الاتحاد الثقافي” لكي يدخلوه بلا استئذان.. فهو فعلا ليس “وحدة سكنية”.. فكلنا ضيوف على الثقافة.. عادل علي adelk58@hotmail.com