كانت القاهرة ليلة أمس الأول كالعروس التي أجبرت على أن تذرف عيونها الدموع ليلة زفافها، فالمدينة العامرة بالنشاط والحيوية، والتي لا يمكن أن تميز ليلها عن نهارها، بانت كالحسناء الخجول الباكية بعد أن ضاع من بين يديها لقب كروي مهم ظنت أنها كسبته قبل الموقعة الكروية الكبرى في نهائي كأس أفريقيا للأندية بخسارة الأهلي من النجم الساحلي التونسي الذي قلب الطاولة على جماهير القاهرة وانتزع منهم اللقب في عقر دارهم، ليخيم الحزن والهدوء على المدينة طوال الليل باستثناء مسيرات تونسية بسيطة كانت تجوب شوارع العاصمة المصرية بعد المباراة التي خلدت في سبات عميق من الحزن رغم أنها فتحت ذراعيها لاستقبال ضيوفها المشاركين في الدورة العربية، وهو العرس العربي الأهم في المدينة، لكن عشق الكرة وجنون الجماهير المصرية بالمستديرة سيطر على مشاعرهم، فكان الحزن في كل مكان، حتى جماهير غريمهم التقليدي الزمالك كانوا كمن يظهرون الفرح على استحياء تعاطفاً مع منافسهم· وكان من حسن حظ بعثتنا تزامن وصولها الى القاهرة مع المباراة التي تابعها كل المصريين، فبدت شوارع القاهرة وعلى غير العادة خاوية، لا مارة، ولا سيارات، ولا الزحام الخانق، بل كانت أشبه بالخطوط السريعة الخالية· وهو ما لم يعهده أي زائر للقاهرة· ولأن عجلة الحياة تدور بسرعة هنا في القاهرة، سرعان ما تجاوزت المدينة أحزانها وعادت لنشاطها وطبيعتها، وها هي القاهرة تستعد اليوم لافتتاح الدورة العربية والتجمع العربي الأكبر وهي تحتفي وتستقبل بصدر رحب أكثر من ستة آلاف رياضي ورياضية جاؤوها من وطننا العربي الكبير من محيطة الى خليجه، للمشاركة في العرس الرياضي في نسخته الحادية عشرة على أرض الكنانة التي انطلقت منها هذه الدورة قبل أربعة وخمسين عاماً· ونظراً لحجم الوفود العربية وضخامتها لابد وأن نلتمس العذر للأشقاء في مصر على بعض الأخطاء والقصور غير المقصود والذي يحدث مع العديد من الدول وفي الكثير من البطولات ولا يقتصر على مصر وحدها، التي لابد وأن نذكر ما تقدمه الشقيقة العربية الكبرى وما تبذله من جهود جبارة لتجاوز كل السلبيات وإنجاح العرس الذي ينطلق اليوم، وقد سخرت كل خبراتها وطاقاتها لإظهاره بالصورة الذي يشرّف أبناء النيل· مجرد رأي واقعة منتخب الشطرنج للرجال والسيدات الذين قضوا ليلة وصولهم القاهرة يجوبون شوارع القاهرة بالحافلة متنقلين من فندق لآخر مؤسفة، وما كنا نتمنى حصولها، خاصة وأن البعثة ضمت فتيات أنهكهن التعب والإرهاق، وكنت شاهد عيان على المشكلة التي تعرض المنتخب لها، وتابعت الحالة المزرية التي بات عليها الفريق وهو ينتظر الحصول على مقر للإقامة، ويحسب لرئيس الاتحاد إبراهيم البناي وقفته مع المنتخب وبقائه معهم حتى دخل الجميع غرفه مع مطلع خيوط الفجر الأولى، ولعل وجوده خفف على المنتخب الكثير من حالة الإحباط والمعاناة واليأس التي شعروا بها قبل انطلاق المنافسات، فالمشكلة ليس مشكلة لجنة منظمة فحسب بل هي مشتركة وكان بالإمكان تداركها·