لا أعلم من أين يحصل كتاب الدراما المحلية أو الخليجية على أفكارهم السوداوية النكدية، التي يتحفوننا بها من خلال المسلسلات التي تنقل صورة مختلفة عن الواقع ومنفصلة عنه، ربما لأنهم يعيشون في عوالم مختلفة عن العالم الذي نعيش فيه، بل أن تلك الدراما خصوصا التي تحكي قصصا ليست معاصرة قد تشوه تاريخ المنطقة.. عندما تقرأ تاريخنا وتراثنا أو تستمع إلى القصص الشعبية التي تتناقلها الأجيال منذ مئة عام على الأقل لدرجة أن تتحول إلى أساطير شعبية، تجد أنها تحمل كل معاني الشجاعة والبطولة والغزوات والخير والحب والعشق، وقلما نجد الحقد والحسد والغش والمؤامرات، لكن من يتابع المشهد الدرامي في التلفزيون سيكتشف النكد والحقد الذي تحمله شعوب المنطقة في صدورها وهو ليس صحيحا أبدا، خصوصا قبل أن تتشوه الأخلاق وتندمج مع الأخلاق والطباع المستوردة أو القادمة مع الخليط البشري المتعدد الجنسيات والثقافات والأعراق.. لقد غيبت الدراما المحلية فعليا الهوية الوطنية، سواء إن كان ذلك عن طريق تقديم قصص لا تمت لتراثنا أو واقعنا بصلة، أو إن كان عن طريق استخدام لهجة خليط ممزوجة بكلمات خليجية وشامية أو حتى أعجمية أو مصرية، ولا تعرف ما السبب وراء ذلك إذا كان المؤلف مواطنا والمخرج مواطنا أحيانا وطاقم التمثيل يكون بينهم كثير من المواطنين، ومع ذلك تغيب الهوية بفعل فاعل ومستمر، وهو ما سيترك أثره على المجتمع، فالتلفزيون له تأثيره على المشاهد ولا أحد ينكر ذلك، والتأثير على اللهجة واضح من خلال دخول كلمات من الشرق والغرب على لهجتنا، واختفاء الكلمات الأصلية في المقابل، والأخطر هو تشويه التاريخ والتراث والمحليين بأقلام إماراتية وأداء درامي قد يفتقر إلى الوعي وينساق وراء “البزنس” دون أن يكون له دور ايجابي أو رسالة إعلامية تنقل صورة مشرقة عن هذا الوطن الغالي وعن التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناؤه على مدى عقود، أو على الأقل لعكس الواقع كما هو بحلوه ومره بدون تشويه أو مكياج.. لست خبيرة في الدراما، غير أن هويتنا الوطنية لا تحتاج إلى تغريب إضافي، كما لا يحتاج تاريخنا إلى تشويه بل إلى إبراز وتعزيز.. ولا أعرف ما هو المعيار لصناعة أعمال محلية بحتة تعكس الهوية والثقافة المحلية، ولا شك أن لدينا كثيرا من المهارات التي لو أتيحت لها فرصة الظهور لقدمت ما هو أفضل من استيراد كل شيء بأغلى الأثمان.. وإذا لم يقم إعلامنا بتحمل رسالته الوطنية بمسؤولية وأمانة، فهل ننتظر أن يأتينا إعلام خارجي ليقوم بحمل تلك الأمانة؟! bewaice@gmail.com