الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد الصور.. حان للكوريتين العمل

2 مايو 2018 21:30
ينبغي أن نكون جميعاً فرحين لكون الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ونظيره الكوري الجنوبي مون جاي إن عقدا اجتماع قمة إيجابياً، وأن كيم خطا بالفعل خطوة تاريخية نحو الجنوب، وكذلك فعل مون نحو الشمال. ولا شك أن الحوار أفضل من الذهاب إلى الحرب. غير أنه يجدر بنا جميعاً أن نكبح توقعاتنا ونبقيها تحت السيطرة. ومع أن الزعيمين اتفقا ضمن «إعلان بانمونجوم» على العمل معاً في اتجاه سلام دائم بدلاً من الهدنة الحالية، وأعلنا التزامهما بـ«التجرد من السلاح النووي»، فإننا لا نعلم قيمة كشف النوايا هذا إلى أن يتم الاتفاق على التفاصيل. ومما لا شك فيه أن هذه ستكون عملية صعبة وطويلة. وبالمثل، يجدر بنا جميعاً أن نرحب بقمة ترامب وكيم المتوقعة في مايو أو يونيو المقبلين. غير أن أي إعلان يصدر في أعقاب هذه القمة سيكون من دون معنى بخصوص ترسانة كوريا الشمالية النووية إذا تُرك مصطلح «نزع السلاح النووي» مبهماً وفضفاضاً ولم يتم إنشاء نظام قوي للتحقق. إذ يجب أن نرى خطوات ملموسة. وهذا يشمل، في المقام الأول، السماح بعودة مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى كوريا الشمالية من أجل الشروع في تقييم برنامج بيونغ يانغ النووي، وضمان -إن أمكن– عدم عمل كوريا الشمالية على الدفع ببرنامجها بالتوازي مع المحادثات. كما يجب أن يتضمن أي إعلان أميركي كوري شمالي تعريفاً مفصلاً لـ«نزع السلاح النووي» حتى نتأكد أننا جميعاً نتحدث عن الشيء نفسه. هذا المصطلح ولد في عام 1992، عندما أصدر الشمال والجنوب إعلاناً مشتركاً، وذلك لأن «نزع التسلح» اعتُبر مصطلحاً غير مقبول. ولطالما استخدمت بيونغ يانغ «نزع السلاح النووي» كبديل له لضمان أن أمنها مكفول وغير مهدَّد من قبل القوة العسكرية والأسلحة النووية الأميركية. غير أن الولايات المتحدة، وبقية العالم، يتطلعون إلى نتيجة مختلفة، ألا وهي: تدمير أسلحة كوريا الشمالية النووية ووضع قيود دائمة على صواريخها. كما يجب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يهتم بقضية الأميركيين المحتجَزين في كوريا الشمالية، وجرائم بيونغ يانغ السيبرانية، وسجلها الكارثي في حقوق الإنسان. وفي الشهادة التي أدلى بها الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس إنه قرأ «خطة العمل الشاملة المشتركة»، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، ثلاث مرات، وانبهر بإجراءات التحقق والمراقبة القوية التي تنص عليها والتي تعتبر الأوسع والأشمل في العالم. لكننا كنا نعرف أين توجد «الأشياء القيمة» في إيران، وأنه لم تكن توجد أي أسلحة نووية. أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فلا شيء من ذلك ينطبق عليها، وهو وضع يتطلب نظام تحقق ومراقبة يتجاوز حتى الاتفاق النووي الإيراني. كيم أمسك يد مون، وقريباً سيمسك يد ترامب، لأنه يمتلك أسلحة نووية والنظام الموصل لتلك الأسلحة وبات بوسعه الآن تحويل اهتمامه إلى المستقبل الاقتصادي لكوريا الشمالية. فلا شك أن السنوات الكثيرة من العقوبات، التي كُثِّفت وشُدِّدت أكثر خلال الأشهر الماضية، كان لها تأثير على قراره، لكن كيم يظل في موقف الممسك بزمام المبادرة. ذلك أنه وقّع الآن على التزام بالتوصل إلى اتفاق سلام في السنة المقبلة، ووجّه دعوة إلى مون لزيارة بيونغ يانغ، وقام بزيارة دولة إلى الصين استُقبل خلالها من قبل الرئيس الصيني، وقريباً من المرتقب أن يجلس مع رئيس الولايات المتحدة. وهذا أداء لا بأس به بالنسبة للنظام الأكثر عزلة في العالم. غير أنه إذا كان يراد لهذه القمم أن تكون أكثر من مجرد مناسبات لالتقاط الصور، فالأمر سيتطلب فِرَقَ مفاوضين يتمتعون بالمهارة التقنية، ووجوداً للمفتشين الدوليين في كوريا الشمالية، وأَشهُراً من العمل الجاد والمكثف. ولعل مما يبرز الصعوبة والتعقيد المتوقعين حقيقةَ أن الشمال والجنوب التزما بالتوصل إلى اتفاق سلام هذه السنة، وهو أمر يفترض أن يشمل تفكيكاً كاملاً وقابلاً للتحقق ولا رجعة فيه لبرنامج كوريا الشمالية النووي. ولا شك أن تحقيق كل ذلك دونه أكثر من عقبة كأداء، وذلك بالنظر إلى كل الأطراف المعنية، والتقييمات التقنية المطلوبة، والتفاوت في التعريفات والتوقعات. * مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية بين عامي 2011 و2015 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©