الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوثي يزرع الموت فـي طريــق الشعــب اليمنــي

الحوثي يزرع الموت فـي طريــق الشعــب اليمنــي
16 أغسطس 2018 00:28

لم يعد سالم يوسف، البالغ من العمر أحد عشر عاماً، قادراً على الخروج من منزله مثل بقية أطفال قريته، فهو اليوم مرغم على ذلك، ووالده سيأخذه إلى المستشفى لتركيب ساق صناعية، قدمها له الفريق الإماراتي من الهندسة الميدانية التابعة للقوات المسلحة الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي بالحديدة. فقد الطفل قدميه في انفجار عبوة عثر عليها بالقرب من موقع كانت ميليشيات الحوثي الإجرامية تتمركز فيه جوار منزلهم الكائن في منطقة المتينة التابعة لمديرية التحيتا جنوبي محافظة الحديدة قبل سبعة أشهر.
سالم واحد من عدد يتزايد باستمرار من الأطفال ضحايا الألغام الأرضية في اليمن التي زرعتها ميليشيات الحوثي. كثيرون هم الضحايا على امتداد الساحل الغربي مما خلفته ميليشيات الحوثي من كميات هائلة من الألغام والعبوات المتفجرة، بمختلف أشكالها، وزرعتها بطرق عشوائية في المزارع والطرقات.
وتشهد اليمن عدداً متزايداً من حالات البتر لأطراف أطفال بسبب الألغام الأرضية والأجسام غير المنفجرة التي تزرعها ميليشيات الحوثي.

أطفال وأبناء الحديدة، عروس البحر الأحمر، لم يكونوا أحسن حظاً من غيرهم من أطفال ونساء البلاد، إذ نالهم نصيب من جحيم الألغام المزروعة والعبوات الناسفة من قِبل قوات الحوثي في كل منطقة تم تحريرها. ففي قرية «الزهاري»، ستجد العديد من المتضررين من الألغام، ومن هؤلاء المتضررين الحاجة «سلامة حسن»، ذات الـ70 عاماً، والتي فقدت قدميها بعد انفجار واحد من الألغام التي زرعها الحوثيون أمام منزلها عندما كانت في طريق العودة إليه بعد أن حررت ألوية العمالقة الجنوبية المدعومة من دولة الإمارات ضمن خطة التحالف العربي بلدتها، حيث عاد المواطنون من مناطق تهامية عدة، منها (الزهاري، الخوخة)، وعاد المواطنون إلى «الزهاري» بعد أن هجّرهم الحوثيون قسراً لغرض زراعة الألغام والعبوات.
الحاجة سلامة تسرد لنا كيف أن الحوثيين هجرّوها قسراً من منزلها رغم أنها لم تكنْ ترغب بالنزوح، وقالت: «هجرنا الحوثيون من منازلنا بالرغم من أننا كنا لا نريد النزوح، ونزحنا إلى مدينة المخا، وعشنا فيها أياماً مُرة، واستبشرنا خيراً بعد أن وصلت المقاومة الجنوبية إلى الخوخة وحررتها وأصحبت قريتنا (الزهاري) محررة». وأضافت «كدنا نموت من الفرحة لأننا انتظرنا لحظة العودة إلى منازلنا بفارغ الصبر، لكننا لم نكنْ نعلم ما عمله الحوثيون فيها عندما قاموا بزراعة الألغام في كل مكان.. فلقد زرعوها في المنازل والطرقات الترابية والسواحل والمزارع وحتى في المقابر، وأصبح كل متر في أرض (الزهاري) يخفي لغماً». وتواصل الحاجة سلامة سرد القصة بالقول: «عند عودتي من الخوخة إلى منزلي، كنت أحمل شوالة (البر)، وكنت في فرحة كبيرة بالعودة، وكنا حينها نستقل سيارة (هايلوكس) تتبع أحد أبناء القرية، وتعتبر هذه السيارة وسيلة النقل الوحيدة لنا في القرية، وبينما كانت السيارة تسير أمام منزلي، وكنت استعد للنزول، انفجر لغم في السيارة، وكنت راكبة بالخلف، وتضررت بالانفجار لكونه كان بالجهة التي أجلس فيها». أخذت الحاجة سلامة نفساً عميقاً، ثم قالت: «لم أشعر حينها بشيء، ووجدت نفسي على السرير في أحد مستشفيات عدن، ووجدت ساقي اليمنى قد بترت بالكامل، أما اليسرى فقد بتر القدم منها فقط، فوكلت أمري إلى الله، وعدت إلى منزلي بعد أن استكملت علاجي». وأضافت: «صحيح أن حياتي تغيرت، لكن دائماً أحمد الله على ما أصابني».
بعد أن انتهت الحاجة سلامة من سرد قصتها، التقينا القيادي في فريق نزع الألغام، مروان الدغيش، الشهير بـ «السيد لغم» الذي قال إن «الحوثيين زرعوا العبوات في كل مكان، ونحن ما زلنا نعمل جاهدين على نزعها». وأضاف: «استخرجنا المئات من الألغام من داخل وأمام منازل المواطنين، بالإضافة إلى استخراج العبوات المربوطة بالدواسات من شاطئ القرية الذي يعتبر أحد الشواطئ السياحية الذي يكتظ بالصيادين».
وأشار دغيش إلى أنهم قاموا بتمشيط دقيق للعديد من الطرق في القرية حتى يسير المواطنون بطمأنينة، حسب تعبيره. وأردف: «لكن ما زالت هناك العديد من المواقع التي زرعت فيها الألغام والعبوات، وتحتاج إلى فرق هندسية كبيرة تمتلك أحدث الأجهزة، فقمنا بوضع اللوحات التحذيرية فيها حتى لا يمر المواطنون بجانبها أو عليها».

مليون لغم
يعمد الحوثيون في اليمن لزرع الألغام بمعدل مرتفع للغاية، وخلال الحرب الحالية، زرع الحوثيون ألغاماً أرضية على طول الساحل، وعلى الحدود مع السعودية، وحول المدن الرئيسة، وعلى طول طرق النقل المرتبطة بصنعاء من أجل إنشاء أطر دفاعية أو تمهيد الطريق للتراجع. وفي هذا الصدد، يصرح لـ«الاتحاد» المشرف العام على الفرق الميدانية للتوعية عبد العزيز سعيد: «من الصعب التحقق من الأرقام في اليمن، لكن من أجل إعطاء فكرة عن ضخامة عدد الألغام، فإن عدد الألغام التي تم نزعها من بداية عمل البرنامج الوطني وحتى يونيو 2018حوالي 750 ألف لغم وعبوة ناسفة وقذيفة وصاروخ». وأشار سعيد إلى الآن الإحصائية تعتمد من خلال نزعها وإبطال مفعولها، ومن ثم نقوم بتدميرها.
وتؤكد التقارير أن فرق نزع الألغام تمكنت من إزالة 300000 لغم أرضي؛ كما أفاد تقرير «مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية»، وهو مبادرة تراقب الامتثال مع «معاهدة حظر الألغام»، بأن عدد الضحايا ناهز ثلاثة آلاف شخص بين 2015-2016.
وأجمعت تقارير عدة متفرقة لمنظمات حقوقية دولية على أن الحوثيين تعمدوا زراعة نحو مليون لغم في اليمن، وتسبب تفخيخ الحوثي منازل ومزارع المدنيين بمقتل وتشويه الآلاف، وإعاقة عودة عدد كبير من النازحين إلى منازلهم، وتعطيل الحياة في عدد من المحافظات المحررة.
وذكرت التقارير الحقوقية أن الحوثيين استخدموا ألغاماً لاستهداف الأفراد، وكذلك ألغاماً أخرى محظورة ومحرمة دولياً تستهدف المركبات، من أجل أعداد أكبر من الضحايا، كما استخدموا الألغام بطرق تخالف كل قواعد الحرب الدولية، حيث قاموا بتفخيخ منازل المدنيين ومزارعهم بطريقة عشوائية، بوضع الألغام في الثلاجات وعلى أبواب المنازل، وفي دواليب الملابس، إلى جانب المزارع، بما يخالف القوانين والأعراف كافة، وهم بذلك يستخدمون أدوات القتل بطريقة أكثر إجراماً. ويثير الحجم الهائل لاستخدام الألغام الأرضية من قبل الحوثيين تساؤلات حول مصدرها وإمداداتها في الوقت الذي لا تمتلك اليمن مخزونات محلية من الألغام الأرضية عملاً بالتزاماتها بموجب «معاهدة حظر الألغام»، وستبقى الألغام الأرضية تشكل تحدياً صعباً خلال حقبة ما بعد الحرب.

إشادة أممية بدور الإمارات فـي نزع العبوات الناسفـة

خلال الفترة الماضية، برز الدور الإماراتي في جانب نزع الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون، وتطهير المناطق المحررة، خصوصاً في الساحل الغربي لليمن، حيث تعمل القوات المسلحة الإماراتية على 3 اتجاهات رئيسة، بدءاً من تحرير المناطق من سيطرة الميليشيات وتأمينها من شبكات وحقول الألغام والمتفجرات، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية وتطبيع الأوضاع. خلال الأيام الماضية، أشادت الأمم المتحدة عبر مدير مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أندريا ريكيا، بأدوار الإمارات في جانب تأمين حياة المواطنين ونزع هذه العبوات القاتلة من المناطق السكنية. وجاء الإسهام الإماراتي عبر فرقة قواتها المسلحة، وكذلك تدريب فرق هندسية يمنية، من أجل هدف إبعاد أحد أخطر العوائق التي تعرقل تقدم القوات العسكرية، إضافة إلى تهديد المدنيين، ومكن القوات من التقدم في الساحل الغربي، ناهيك عن إنقاذ المئات من المدنيين من شبح حصد الأرواح من الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي. حيث تمكنت الفرق الهندسية فقط في الساحل الغربي من نزع عشرات الآلاف من الألغام وتفكيكها وإبطال مفعولها قبل عمليات إتلافها، وفق ما أفاد عاملون في برنامج نزع الألغام في الساحل الغربي. وأضافوا «الفرقة الهندسية وبمشاركة فاعلة من القوات الإماراتية، أسهمت في نزع وتفجير أكثر من 20 ألف لغم وعبوة ناسفة خلال ثمانية أشهر ماضية من مختلف مناطق جبهة الساحل الغربي».
كما قامت الإمارات مؤخراً بتدريب 65 يمنياً متطوعاً للعمل ضمن فرق تطهير الألغام، في جبهات الساحل الغربي، حيث عملت الفرق الهندسية المدربة بإسناد ومشاركة الفرقة الهندسية الإماراتية، على انتزاع وأبطال مفعول الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها ميليشيات الحوثي. وتفرض اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد المعروفة باسم «اتفاقية أوتاوا» عام 1997، حظراً كاملاً على استخدام وتصنيع وتخزين الألغام المضادة للأفراد، إلا أن ميليشيات الحوثي الانقلابية قامت بزرع المئات من الألغام المحرمة دولياً بهدف انتقامها من المدنيين، وإفشال أي جهود لإعادة الحياة في المناطق التي يتم تحريرها من سيطرتهم.
وقال أحد المهندسين العاملين في نزع الألغام بالساحل الغربي، إن جهوداً كبيراً تبذل من أجل تأمين الطرقات والقرى السكنية المحررة في الساحل الغربي، ونزع هذه الألغام والعبوات القاتلة التي تخلف بشكل مستمر ضحايا في صفوف المدنيين والنازحين العائدين إلى مناطقهم ومنازلهم. وأضاف أن الحوثية لا تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية، حيث سعت لتفخيخ كل منطقة يتم تحريرها من أجل الانتقام من المواطنين ليس إلا، وعمدت هذه الميليشيات الإرهابية على زرع العبوات والألغام في الطرقات العامة وبالقرب من منازل المواطنين والمزارع لحصد أكبر عدد من الضحايا، وإعاقة عودة الحياة التي قتلتها أثناء سيطرتها على تلك المناطق الساحلية. وأشار إلى أن الفرق الهندسية العاملة في الساحل الغربي، وبإسناد كبير من الفرق الهندسية التابعة للقوات المسلحة الإماراتية والسودانية، انتشلت الآلاف من العبوات المحرمة دولياً، وأخرى تم تصنيعها محلياً باستخدام مادة «C4» شديدة الانفجار على طول الشريط الساحلي الواصل من المخا إلى الحديدة.

رعد الريمي (عدن)

المصدر: وكالات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©