الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كاترين غييو: تجربة أبوظبي أضافت لنا الكثير

كاترين غييو: تجربة أبوظبي أضافت لنا الكثير
8 نوفمبر 2017 20:52
بعد دراسات في الفلسفة ودبلوم من المدرسة العليا للتجارة، بدأت كاترين غييو عملها في مشروع إعادة تأهيل حي فييت بباريس. تعد هذه التجربة غوصا في أعماق حي العلوم والصناعة، حيث اهتمت بخدمات الاستقبال، الإعلام والوساطة العلمية. بعد عمل قصير في مؤسسة متخصصة في الاستراتيجيا والتنظيم، دخلت إلى متحف اللوفر عام 2000، وأصبحت مديرة سياسة الجمهور والتربية الفنية، وساهمت في تجهيز مشاريع عدة في باريس، كما في الأقاليم (لوفر- لانز) وفي الخارج (اللوفر أبوظبي). * هل من الممكن إلقاء الضوء على أصل مشروع اللوفر أبوظبي، مضمونه وشركائه في فرنسا والإمارات العربية المتحدة؟ ** تأتّى مشروع اللوفر أبوظبي بعد اتفاق بين حكومتي فرنسا والإمارات العربية المتحدة (وقع في 6 مارس 2007). في هذا السياق، ومنذ عام 2005، طلبت الإمارات الخبرة الفرنسية في مجال المتاحف، نظراً للإشعاع – المرتبط بتجربتها التاريخية – في المجال المتحفي. تمنت أبوظبي بناء البيت الثقافي الكبير بالسعديات، جزيرة المتاحف، في إطار إعادة بناء المجتمع بعد الحقبة النفطية، مع توجه قوي نحو السياحة والتربية والثقافة. جزيرة السعديات، إذن، فضاء محفوظ لبناء مجمّع من المتاحف. لن يكون اللوفر أبوظبي المتحف الوحيد في هذا المشروع: هناك غوغنهايم، ومتحف الشيخ زايد الوطني. متحف اللوفر أبوظبي هو الأول يليه - على وجه الاحتمال - متحف الشيخ زايد، ومتحف غوغنهايم. وقد أعرب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، في وسائل الإعلام ولدى ممثلي وكالة فرنسا- المتاحف ووكالة هنري لواريت، عن عزمه ورغبته القوية في إطلاقه، وهو يتمنى أن يكون متحف اللوفر أبوظبي رأس حربة هذا المشروع المجمعي، ويَسِمْ بقوة وبصورة عريضة الدور الثقافي والتربوي للمتحف، الذي يُنظر إليه، على المستوى الوطني، على هذا الأساس المعلن منذ البداية. حصة الأطفال * كيف يمكن أن يخدم تأثير متحف الأطفال المشروع المجمعي؟ ** في وكالة فرنسا- المتاحف، فريق من أمناء المتاحف والمسؤولين عن الجمهور والإعلام ينشغل بتصور المشروع العلمي والثقافي ل اللوفر أبوظبي، ويعملون بتعاون كبير مع اللوفر في فرنسا، وليس من تلقاء أنفسهم. فاللوفر له الحصة الكبرى في هذا المشروع، ولكن كافة المتاحف الشريكة الأخرى معنية أيضاً، من وجوه عدة، الأولى: استعارة النتاجات من متحف اللوفر، وأيضا من المتاحف الشريكة (مركز بومبيدو، متحف كي برانلي، فرساي، فونتينبو، متحف رودان، وغيره)، التي سوف تسمح، خلال عشر سنوات، بإقامة معارض دورية أو شبه دورية. هذه الفترة العقدية تتيح لأبوظبي تكوين مجموعتها الخاصة. اليوم، تم الحصول على أكثر من مائة قطعة، وعندما تكتمل المجموعة الفنية سيكون هذا المتحف متحفاً وطنياً، وحسب الاتفاق، سوف يحمل المتحف اسم «اللوفر أبوظبي» لمدة ثلاثين عاما. وبالتالي، سوف تستفيد وكالة فرنسا- المتاحف من هذه الشبكة المتحفية الفرنسية من أجل التفكير في التصور وإعداد الأنشطة الوسيطة والتمثيلية. بالنسبة للجمهور وهو الموضوع الذي يهمني أكثر من أي موضوع آخر -، تم تنظيم فريق عمل داخلي لكي يغذي الأفكار المتعلقة بمشروع اللوفر أبوظبي. هذا النمط، أعني نمط التوظيف، غير معمول به إلى حد ما في اللوفر والمتاحف الأخرى. نحن جزء معتبر، بما أن المشروع يحمل اسمنا، وبما أن رئيسه هنري لواريت هو أيضاً المقرر الثقافي والعلمي، لكن، في الوقت نفسه، نحن نؤدي دورنا في حضن مجمع متاحف يعرض مجموعاته وتنوعاته، وهذا ما يمنح اللوفر أبوظبي البعد العالمي. ولهذا السبب عملت مع زملائي في مركز بومبيدو، وبناء على طلب وكالة فرنسا- المتاحف، على متحف نوعي صغير في اللوفر أبوظبي مخصص للأطفال، في مساحة 400 متر مربع من المشروع المجمعي. وبالتالي، يمكن ملاحظة أن الأمر لا يتعلق إلا بنشاط واحد من بين أنشطة أخرى متعددة داخل المتحف. المثير للاهتمام، وراء الأهمية التي تمثلها الأمتار المربعة، هو الدخول إلى الأطفال، وبالتالي عبر التعليم، والعلاقة بين الأطفال والراشدين - سواء كانوا آباء أو تربويين-، تصبح هذه المساحة أساسية. سؤال الطفولة والجمهور الشاب يأتي بالتأكيد في المرتبة الأولى، ولكن من النادر أن يكون نقطة انطلاق، ربما فقط في مدينة العلوم، حيث حصلت مدينة الأطفال على ثقل مهم نسبياً. ولكن، في متاحف الفنون الجميلة، من اللازم دوماً خوض «الصراع» من أجل فرض أشكال جديدة من الوساطة وعلم المتاحف المتكيف، في وسط يركز بصورة كبيرة على الراشدين، بل وعلى الراشدين المثقفين. حينما أطلقنا مشروع متحف الأطفال، كنا نتمترس خلف هذه النظرة التقليدية: مسلماتها وكوابحها. بينما في إطار اللوفر أبوظبي، لمسنا أن الأشياء مفتوحة على مصراعيها، وأن زيارة الأطفال من باب الدخول الطبيعي ضرورية، وأن علينا أن نكون قادرين على جذب وإثارة انتباه الأطفال، المراهقين، كما الآباء. مع جمهور معتاد، نوعا ما، على ارتياد المتاحف، يكون السؤال: أي فضاء سيكون ذريعة لتحقيق الوصول، ليس فقط كموتيفة للقدوم وإنما أيضا نقطة «رسم انجذابي» لدى الراشدين الراغبين في ارتياد المتاحف، ولكن ليس لديهم أي خبرة تقليدية؟ مفهوم هذا الفضاء المخصص للأطفال معلق؛ لأن هناك أشياء أخرى من اللازم ضبطها داخل المتحف نفسه، في بنائه، تنظيم فضاءاته، جمع المعروضات التي سوف تغذيه. هذا المتحف، «متحف الأطفال»، الذي ربما يعتبر هامشياً للوهلة الأولى، من الممكن أن يأخذ شكلا آخر من خلال التأثيرات المحيطة به. في الأجل المتوسط أو الطويل، ربما يتلاشى لكي يتمدد ويدعم الثقل، وهذا ما جرى بصورة غير متوقعة. من وجهة نظر فرنسا والمتخصصين الفرنسيين، تلك تجربة غير مسبوقة. نحن منجذبون إلى عمل غير اعتيادي، على أي حال بالنسبة لمتاحف الفنون الجميلة فإن هذا المشروع مثير للاهتمام للغاية. * هل استطاعت الأبحاث الأولية والاجتماعات مع مختلف الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية من تعديل اتجاه المشروع؟ ** هناك مستويان: الأول هو دراسات الجمهور التقليدية التي تتأسس على تقدير الزيارات المحتملة. بطبيعة الحال، حينما ننشئ مشروعاً جديداً، أيا كان هذا المشروع، نحاول في البداية تحديد رواده، وهذا لمراجعة كون الفضاءات تتحصل على أبعاد واجبة بالنسبة للمساحة، الكبيرة دوما، ولكن من الممكن تغييرها حسب انخفاض أو ارتفاع وظيفة مختلف العوامل: الاقتصادية، الجذب، الخ... وهذا يساهم في تحرير استراتيجيا توظيف البناء، توفير الكثير من الأحداث أو انعدامها، تقديم مشروعات ومنح ثقافية غير نمطية في وظيفتها، في أوقاتها، في ثمنها، كما يمكن أيضاً من معرفة ما إذا كان من الضروري توظيف أشخاص مدربين على مسائل التسويق وتنمية الجمهور، الخ. كل شيء يرتبط بسياسة البناء واستراتيجياته الخاصة بأولويات الجمهور. في أبوظبي، كل هذا ضروري، فهم يبحثون عن توصيل رسالة مفادها: من هم الإماراتيون، ما هي لغاتهم، ما مستوى التعليم، كيف ينظمون العلاقات بين الجنسين؟ وهل من اللازم تقدير أشكال وظيفية منطقية خاصة للغاية لمعالجة الاختلاط أو اللا- اختلاط؟ هذه الأسئلة جوهرية، ليس فقط لتنظيم أو التفكير في الزيارات المستقبلية للمتحف، ولكن أيضا لنمط توظيف المتحف، بل وإنشاءاته. وبالنظر إلى ذلك، مسألة الاختلاط من الممكن أن تكون جبرية في عملية تنظيم الفضاء. بالنسبة لهذه الأسئلة، من الضروري الحصول على الدراسات التي تعتبر، في فرنسا، تقليدية نسبيا. لقد أجرينا هذا النمط من الدراسات بخصوص متحف لوفر باريس، مثلا، عندما بدأت المعارض الليلية يوم الجمعة، كانت هناك دراسة عن اليوم المفضل لدى الشباب (أقل من ثلاثين عاما) الذين من الممكن أن يحضروا فيه إلى المتحف. وقتها، وضعنا جداول متعددة قبل التقدير. ثمة مساع مماثلة تحققت بالنسبة للجمهور المحتمل ل اللوفر أبوظبي، من بينها الرجوع إلى الباحثين والمتخصصين، الخبراء في شؤون دول الخليج، لمعرفة الممارسات الثقافية، الحالية والتاريخية. لا يجب أن يقع المتحف في أخطاء فادحة تتعلق بتجاهل أو عدم معرفة بعض العناصر التقليدية للثقافة المحلية، وهو أمر لا غنى عنه لئلا نكون سطحيين. فالأخطاء الفادحة ترتكب عادة في وسط لا نعرفه بتاتا. هذا ما عرفته عندما عملت على مشروع (لوفر لينز) رغم أنه يعتبر مشروعاً فرنسياً، لكن، ولأنه سيقام في الأقاليم - وللإقليم صفاته وتاريخه - كانت ثمة خصوصية شعرنا بها وشعرنا بأننا لن نستطيع مواصلة العمل بفرقعة الأصابع، والتفكير بأنه من السهل تغيير موضعه. إذن، كان هذا التفكير أساسي في بلد غريب، بعيد مثل أبوظبي، له ثقافته وجغرافيته، وأيضا مظهره المتعدد الثقافات. إضافة إلى هذه الظاهرة ثمة صعوبة أخرى تمثلت في أننا نتوجه إلى أشخاص مختلفين، ولابد من معرفة أي جمهور معني بذلك الحدث أساسا. نعرف جيدا أن المهتمين بهذه المتاحف من ذوي الثقافة الغربية، بينما يهدف المشروع إلى إعادة بناء المجتمع. وهنا، توجد فجوة جوهرية من اللازم العمل على معالجتها. في الوقت الراهن، وبعد الدراسات الأولية التي جرت في بداية المشروع، هناك جداول متعلقة بالجمهور أو المنسقين. والهدف يتمثل في ترقية حاجات الجمهور، توقعاته وتمثلاته في آن واحد، لكي يتفاعل، كما جرى في لينز وأماكن أخرى، مع المعروضات المختارة للعرض في اللوفر أبوظبي، ومع موضوعات متعلقة بالدين أو غيره، وهي نقاط لابد من أخذها في الاعتبار لكي نتوصل إلى المستوى المطلوب والعرض الجيد، من دون تجاوز ولا تهييج. في حقيقة الأمر، هذا المشروع سمح لنا بمساءلة طريقتنا في التفكير في متحف لوفر باريس. خلال معايشتي لتجربتي: لوفر لينز واللوفر أبوظبي، لاحظت أنهما طورا التفكير بطريقة ثاقبة. لم يحدث التغيير بين عشية وضحاها، لا ننقل إلى باريس أي تنظيم خاص ب اللوفر أبوظبي أو لوفر لينز. بمعنى أدق، لا نفكر بنفس الطريقة بفضل هذين المشروعين المختلفين للغاية، على الرغم من أنهما يحملان أسئلة متشابهة نوعا ما. الحلول فقط مختلفة. هنا، في باريس، تساعدنا على النظر إلى الجمهور بطريقة مختلفة، وبالتحديد تفحص الكتلة السياحية الضخمة بصورة أكثر تعقيدا. النظرة التقليدية للمتاحف تميز الجمهور بين باريسي وإقليمي، وداخل هذا الجمهور هناك الشباب، الكبار، المنسقون، الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، الخ. بينما النظرة إلى «السياحة» ينظر إليها على اعتبار كونها متجانسة. ولكن بفضل هاتين التجربتين، جرى تغير بما يخص هذا الجيب الكبير المسمى «سياحة»، مع الانشغال المتعمق بالثقافات النوعية وأنماط التوجه إليها. لهذا السبب، أضاف مشروع اللوفر أبوظبي الكثير لنا. ................................................ (*) Catherine Guillou، « Le Louvre Abu Dhabi »، Transcontinentales، 12/‏13,2012،
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©