تتسم السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ بزوغ فجر الاتحاد وإنشاء الدولة، بحكمة قلّ نظيرها. كيف لا؟ ومؤسس الدولة وباني نهضتها الوالد القائد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بنى هذه الدولة على أسس ثابتة من قيم السلام والتسامح والتعايش واحترام الآخر وقبوله، على نحو أوجد سياسة خارجية إماراتية بالغة الحكمة والاتزان قائمة على مبادئ راسخة، أبرزها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، ومساندة الحق ونصرة المظلوم، واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية، إضافة إلى العمل على بناء أسس الحوار والتقارب بين مختلف الأمم والأديان والثقافات، ودعم كل ما من شأنه تحقيق وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام على الساحتين الإقليمية والدولية. هذه السياسة الخارجية الناضجة التي تتمتع بها دولة الإمارات، أسهمت بدور حيوي ومباشر في جني ما لا يحصى من الثمار الطيبة التي حققتها المسيرة الوحدوية والتنموية لدولة الإمارات، فقد أسهم هذا النهج المتزن الذي تنتهجه الدبلوماسية الإماراتية في تعزيز صورة الإمارات المشرقة كدولة فاعلة ومؤثرة في دعم كل ما من شأنه تحقيق وتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وترسيخ موقع الإمارات كعاصمة عالمية للعمل الإنساني والتنموي أسهمت، ولا تزال، في رفع المعاناة عن ملايين المعوزين والمنكوبين حول العالم من دون تفرقة أو تمييز، وتكريس المكانة المميزة التي تحظى بها الدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي، سواء على المستوى الرسمي، أو على مستوى الشعوب وسط تنامي الشواهد على ما يكنّه الملايين من شعوب المعمورة شرقاً وغرباً من مشاعر الاحترام الكبير والمحبة الصادقة للإمارات وقيادتها المعطاءة وشعبها المخلص لسائر الأشقاء والأصدقاء. ولأن دولة الإمارات، قيادةً وشعباً، تمتلك من الطموح ما لا يعرف الحدود، فإنها تتطلع دائماً إلى مزيد من التقدم والارتقاء في شتى المجالات، وضمن هذا الإطار، فإن دولة الإمارات لا تتوقف عن بذل الجهود الحثيثة لمواصلة خطواتها الواسعة والواثقة نحو تعزيز أداء وفاعلية سياستها الخارجية التي تمكنت خلال السنوات الماضية من تحقيق العديد من الإنجازات النوعية والمكاسب المشهودة على مستويات عدة. ولا تغفل الدولة استثمار أدوات السياسة الخارجية الناجعة التي تمتلكها في خدمة المصالح الوطنية للدولة من جهة، والارتقاء بالمكانة المميزة التي تحظى بها على الصعيدين الإقليمي والدولي من جهة أخرى، ولاشك في أن تشكيل مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في أبريل الماضي، الذي يختص برسم السياسة العامة، واستراتيجية القوة الناعمة للدولة، مثّل نقلة نوعية في السياسة الخارجية للدولة، وفي إدارة علاقاتها الدولية. وإدراكاً منها لأهمية الدبلوماسية باعتبارها أحد أبر أوجه القوة الناعمة للدولة التي تسعى إلى تعزيز الوجه الحضاري المشرق للإمارات، فإن القيادة الرشيدة تقدم عظيم الدعم لكل ما من شأنه تطوير الدبلوماسية الإماراتية ورفدها بكوادر وطنية قادرة على تقديم الصورة الأمثل لدولتنا الحبيبة، وضمن هذا السياق، جاءت إشادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس أمناء أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، بالرعاية الكريمة التي يوليها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لأكاديمية الإمارات الدبلوماسية، التي تقوم بواجبها في إعداد الكوادر الوطنية الشابة والمؤهلة لأداء دورها في تشكيل مستقبل الدبلوماسية الإماراتية، مشدداً سموه خلال حضوره حفل تخريج الدفعة الثانية من طلبة الأكاديمية الذي أقيم في مبنى وزارة الخارجية والتعاون الدولي مؤخراً، على «دور الدبلوماسية المحوري، كونها القوة الناعمة القادرة على إحداث فروق جوهرية في مستوى الدور الدولي للإمارات، وتشكيل جسر لإيصال رسالة الدولة إلى العالم، وتحديد موقعها على خريطة العمل الإقليمي والدولي بصفتها دولة ذات رسالة إنسانية سامية». وأعرب سموه عن ثقته بخريجي الأكاديمية، وبقدرتهم على تحمل المسؤولية، قائلاً لهم: «أنتم إرث زايد وحملة رسالته»، وذلك في امتداد لنهج القيادة الرشيدة الحكيم التي لا تكف عن تجديد الثقة الغالية بقدرات أبناء الإمارات وبناتها كافة على مواصلة مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الدولة، ولا يخفى على أحد ما تسهم به هذه الثقة الغالية في تعزيز المسؤولية الوطنية لدى أبناء الإمارات وتحفيزهم وتشجيعهم على بذل المزيد من الجهد ليبرهنوا باستمرار على أنهم خير من يصون هذه الأمانة. ـ ــــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.