لا شيء تغير. ثمة محاولة دائمة لإجهاض المشروع العربي. إنها نفس السياسة التي طالما اشتكى منها العرب طيلة عقود. هي سياسة الازدواج في المعايير والعلاقات الدولية. هي سياسة اللعب على المكشوف لمزيد من الابتزاز المادي للعرب. عانى العرب من زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي الكبير لضمان عدم قيام حضارة جديدة للعرب، واستعادة بعض أمجادهم التاريخية دينيًا وعلميًا وأدبيًا وتجاريًا وعسكريًا. تغيرت قواعد اللعبة لكن الهدف بقي نفسه. إنها المعادلة الجديدة التي صارت تستهدف العرب عموماً، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص. إنها معادلة المال القطري والفتنة الإيرانية. أنظروا ما حدث اليوم في اليمن. هل إعدام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح حالة منفردة؟ لا بالطبع. فوضى التطبيل القطرية والغدر الإيراني تجمعت على منطقتنا من قبل. أعدموا رفيق الحريري من قبل، ثم اعدموا صدام حسين. من هؤلاء؟ إنهم من الزعماء الذين تصدوا للتوسع الإيراني وكان يجب تصفيتهم. طبّلت "الجزيرة" و"الإخوان" وقطر لـ"حزب الله"، فاستسهل قتل الحريري. وأوهموا صدام، فانتهى معدوماً على يد عملاء إيران. واليوم تكرر المشهد: فتنة "إخوانية" قطرية، ورصاص ميليشيات إيرانية. اليوم نفس المؤامرة يريدون لها أن تستهدف السعودية، الركن العربي الكبير الذي يحفظ أمن الخليج. السعودية ستبقى مشكلة بالنسبة لمن يريد الشر بالمنطقة. فهي البلد الذي يقف مع العرب وقضاياهم. واجهت الجزائر الاستعمار، فوقفت معها السعودية. واجهت مصر العدوان الثلاثي فوقفت معها السعودية. واجه لبنان حروب إسرائيل عليه، فوقفت معه السعودية. تصدى العراق لمشروع الخراب الخميني، فوقفت معه السعودية. واجهت الكويت العراق، فوقفت معها السعودية. هل نعد أكثر؟ لا حاجة إلى العد، فالقائمة تطول. ولكن يجب أن نسأل: لماذا عندما واجهت السعودية إيران، لم يقف معها إلا الإمارات والبحرين؟ الغرب المرتبك والمتقلب يتيح اليوم الفرصة لنظام قطر في قلب الخليج، وللنظام الإيراني على شواطئه الشرقية ومن أراضيه الجنوبية، ومن حدوده الشمالية لتكرار المأساة والعمل على تشتيت دول المنطقة وإضعافها والحيلولة دون قيام الخليج بواجباته تجاه أشقائه العرب، ومنع تقدم الخليج اقتصاديًا وصناعيًا، والأهم منع حيازة منطقة الخليج التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وكلنا يعلم أن المملكة العربية السعودية والإمارات قطعتا شوطًا كبيرًا في سبيل امتلاك هذه التكنولوجيا. فالإمارات على أعتاب تشغيل أول مفاعلاتها من ضمن سلسلة مفاعلات لتوليد الطاقة. والسعودية أعلنت للتو عن تفاصيل مشاريعها في هذا الإطار. ربما الأشقاء في قطر اعتقدوا أنهم بثروتهم الغازية سيتمكنون من غزو العالم الإسلامي بعد نجاح بوقهم الإعلامي من غزو العالم. هل تعلم قطر بأن ما تحيكه لن يعاني منه أحد غيرها؟ هنا السؤال الأوحد: ما مصير شعوب الخليج من هذا الجار الضار هل ستسعد قطر أن تم قصف كل من السعودية والإمارات بصواريخ "الحوثي" وإيران؟ وهل قطر تعتبر نفسها ستسلم إنْ حصل ذلك؟ هل هذا التهديد يُمثل قطر وهي من تقوم بنشره عبر قنواتها؟ أين أهلنا في قطر من دسائس قيادتهم؟ هل سيسعدهم دعم قطر لعدونا؟ ماذا تبقى يا قطر والى أين النهاية؟ لم يبقَ في العالم العربي بقعة أمنة غير الخليج والتي تسعى قطر، بفشل، أن تجعلها منطقة فوضى وإرهاب وملاذا للمتطرفين. أحزننا كثيراً اجتماع مجلس التعاون الخليجي أول أمس، وأحزننا غياب القادة والسبب قطر. لكن حزن الشعب القطري أكبر وهو يرى حكومته تأخذها العزة بالإثم. لا تكتفي بشق الصف الخليجي، ولا تكتفي بالتحريض "الإخواني"، بل تمعن في تقريب إيران عدو العرب وتحتفي بما تراه انتصارات على العرب وعلى الخليج.. وما هو إلا بانتصار على قطر. مهرة سعيد المهيري* ـ ــــ ــ ـ ـ ـ ـ ـ * كاتبة إماراتية