مع تركيز الرئيس الأميركي دونالد ترامب على «النظامين الدكتاتوريين الشيوعي والاشتراكي في كوبا وفنزويلا» في خطابه حول حالة الاتحاد، واستعمال وزير الخارجية ريكس تيلرسون لأول زيارة له إلى أميركا اللاتينية لحشد الدعم الإقليمي لتدابير أشد ضد فنزويلا، من الواضح أن إدارة ترامب تؤشر إلى نيتها تصعيد الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على نظام نيكولاس مادورو السلطوي في فنزويلا. والواقع أنه ليس ثمة مسار آخر، ذلك أن تصلب نظام مادورو، وتدميره الممنهج للديمقراطية، وأداءه الاقتصادي السيئ جداً.. كلها أشياء تتسبب، ليس فقط في كارثة إنسانية داخل فنزويلا، ولكن أيضاً في أزمة هجرة باتت تهدد استقرار جيرانها، بما في ذلك كولومبيا وجزر الكرايبي المجاورة. ولا شك والحالة هذه أن الدفع باستراتيجية تقوم على زيادة العقوبات والضغوط متعددة الأطراف أمرٌ صحيح وصائب، غير أنه في الوقت نفسه ينبغي على إدارة ترامب ألا تتجاهل العلاقة التي تربط بين فنزويلا وكوبا، لأنه لن يكون ثمة أي حل في فنزويلا من دون معالجة الدور السلبي والهدام لنظام كاسترو في تقوية قبضة مادورو على السلطة وفي اجتثاث أي معارضة داخلية لانهيار النظام الديمقراطي. فاليوم، اكتمل اختراق فنزويلا من قبل آلاف العملاء الكوبيين. ولئن كان من الصعب إعطاء الأرقام الصحيحة، فإن عدد عملاء المخابرات والمستشارين العسكريين الكوبيين في فنزويلا، وفق تقرير لـ«مؤسسة بروكينجز»، يتراوح بين بضع مئات وبضعة آلاف. هذا في حين يقدر أمين عام منظمة الدول الأميركية «لويس ألماغرو» عددهم بنحو 15 ألفاً، مشبهاً إياهم بـ«جيش احتلال من كوبا في فنزويلا». ومما لا شك فيه أنه ما من جديد في العلاقة الخاصة التي تجمع فنزويلا وكوبا، لكن الجديد ربما هو الجرأة المتزايدة لنظام مادورو في اتباع استراتيجية بقاء مقتبسة من أساليب كاسترو وتكتيكاته: اعتماد متزايد وأكبر من أي وقت مضى على القمع من أجل الحفاظ على السيطرة، مع طرد الساخطين على الأوضاع خارج البلاد. والواقع أن بصمات كوبا موجودة في كل مكان بخصوص هذه المأساة الإنسانية. وعليه، فما هي التدابير الأخرى التي تستطيع إدارة ترامب القيام بها من أجل محاسبة كوبا؟ الواقع أن الولايات المتحدة ما زالت تفرض حظراً على معظم الأنشطة التجارية مع كوبا، والسفارة الأميركية تدار بالحد الأدنى من الموظفين بسبب هجمات صحية على الدبلوماسيين الأميركيين، ومع ذلك هناك بعض الخيارات التي من شأنها رفع التكاليف بالنسبة لنظام كاسترو بسبب دوره الهدام في فنزويلا، الذي لم يدفع بسببه أي ثمن حتى الآن. والحقيقة أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن الأوضاع في فنزويلا، ولعل هذا ما حدا بالبعض لتشبيهها بحافلة خرجت عن السيطرة وينبغي أن تتحطم قبل أن يتسنى فعل أي شيء، لكن هذا يمثل تملصاً من المسؤولية من قبل من هم في وضع يسمح لهم بالحؤول دون وقوع مثل هذه المأساة وخذلاناً للشعب الفنزويلي، وفضلاً عن ذلك، سيقول البعض إن الولايات المتحدة ليست لديها أي سلطة أخلاقية لفعل شيء ما من أجل منع تدمير فنزويلا، غير أن الأرجح أن معظمهم لا يعيشون هناك. خوسيه كارديناس مساعد مدير قسم أميركا اللاتينية بالنيابة في «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»