حرب سوريا «خارج» السيطرة الأميركية.. وفخ انتقاد الاستعراض العسكري «واشنطن بوست» تحت عنوان «الولايات المتحدة لا تتحمل التنازل عن السيطرة في سوريا»، نشرت «واشنطن بوست» أمس افتتاحية استهلتها بالقول إن الساحة السورية تشهد تصعيداً خطيراً تنخرط فيه قوى خارجية من بينها الولايات المتحدة. وشنت القوات التابعة لنظام بشار الأسد هجوماً على العناصر الكردية المدعومة أميركياً ما أدى إلى رد فعل عسكري شنت خلاله قوات أميركية ضربات جوية وأخرى باستخدام المدفعية. وخلال الأسبوع الماضي اخترقت طائرة إيرانية من دون طيار الأجواء الإسرائيلية ما أدى إلى مواجهات إسرائيلية -سورية، سقطت على إثرها طائرة حربية إسرائيلية. وفي غضون ذلك تواصل تركيا الهجوم على الجيب الكردي الموازي لحدودها، وتهدد بضرب جيب كردي آخر تتواجد فيه قوات أميركية. وتكثف القوات السورية النظامية بالتعاون مع القوات الروسية هجماتها على مناطق تسيطر عليها المعارضة شرق العاصمة دمشق وشمال محافظة إدلب، واستخدمت أسلحة كيمياوية في الهجمات. وحسب الصحيفة، فإن المشهد السوري الراهن أبعد ما يكون عن التهدئة، والأخطر أن الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد تهدد بالانزلاق في أتون صراعات مباشرة بين الولايات المتحدة وتركيا من جهة وبين إسرائيل وإيران من جهة ثانية، وربما يصل الأمر لصدام روسي - أميركي. وهذه التهديدات بالإمكان نزع فتيلها، فقط من خلال دبلوماسية رفيعة المستوى شريطة أن تكون مدعومة بتهديد حقيقي باستخدام القوة، لكن إلى الآن لم تتعامل إدارة ترامب مع الحرب في سوريا بالحزم الذي تتطلبه. وتشير الصحيفة إلى الانخراط الروسي وما يتضمنه من لعب دور الوساطة بهدف وقف إطلاق النار، لكن القوات الروسة تدعم الهجمات العسكرية التي يشنها نظام الأسد، والتعاون مع إيران يتم الهجوم على القوات الكردية المدعومة أميركيا والمتمركزة شرق نهر الفرات. وأعطى بوتين تركيا ضوءاً أخضر للهجوم على الأكراد، وأجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لوقف العمليات العدائية بين إسرائيل وسوريا وإيران. وحسب الصحيفة، يسعى بوتين لجعل روسيا قوة مهيمنة على سوريا، ومنها يمدد نفوذه كلاعب أساسي في الشرق الأوسط، وهذا كله على حساب الولايات المتحدة، ويحاول بوتين عقد مؤتمر للسلام في سوريا كبديل عن مساعي الأمم المتحدة لحل هذه الأزمة، وهو يقدم روسيا كحَكَم في النزاعات المحتدمة داخل سوريا، وفي الوقت نفسه لديه القدرة على تهدئتها وأيضاً إشعالها وتأجيجها. وتنتقد الصحيفة ازدواجية بوتين، حيث دشن مناطق «خفض التصعيد» شمال وجنوب سوريا، ضمن اتفاق مع تركيا والولايات المتحدة، لكنه سمح للقوات السورية النظامية ومن يدعمها من قوات إيرانية بانتهاك الاتفاق. ومن الواضح أن القوات الأميركية تدافع تكتيكياً عن مناطق في شرق وجنوب شرق سوريا، وهي مناطق تسيطر عليها عناصر موالية للولايات المتحدة، لكن لا توجد أدوات ضغط واضحة لدى إدارة ترامب تستطيع من خلالها تنفيذ أهدافها المعلنة في سوريا، وهي منع عودة ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، ومنع إيران من تمديد انتشار قواتها في سوريا، والسعى لتدشين نظام سياسي جديد في سوريا من دون بشار الأسد. وحسب الصحيفة، يبدو أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية داخل سوريا، والمتمثلة في طرد القوات الإيرانية، بل على العكس يبذل الروس والإيرانيون والأتراك قصارى جهدهم لطرد الولايات المحدة من سوريا، علماً بأن السماح للأتراك باجتياح المناطق الكردية، سيمكن الأسد من استرداد سيطرته السياسية، وسيجعل إيران تعبث على حدود إسرائيل الشمالية، هذه السيناريوهات قد تتحقق ما لم تستعد الإدارة الأميركية للالتزام بدور عسكري ودبلوماسي في سوريا. «نيويورك تايمز» «لننسى وساطة أميركا ترامب في سلام الشرق الأوسط»، هكذا عنون صائب عريقات، أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية، والمفاوض الفلسطيني في عملية السلام، مقاله أمس في «نيويورك تايمز»، مشيراً إلى أننا في فلسطين، مثل غيرنا، لم نكن نعرف قبل عام ما في جعبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم، بتنا نعرف، فقد انحاز ترامب للجانب الإسرائيلي متجاوزاً القانون الدولي والمنظمات الدولية والتقاليد الدبلوماسية الأميركية في سلام الشرق الأوسط، وبهذا يجعل ترامب بلاده غير مؤهلة للعب دور الوسيط الوحيد في عملية السلام. والسؤال الآن هل يفتح ترامب الباب أمام فرصة للسلام أم يضع نهاية لأية محاولات في هذا الاتجاه؟ كما أن اختيار ترامب لديفيد فريدمان وترشيحه لشغل منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، علماً بأنه وثيق الصلة بمشروعات الاستيطان الإسرائيلي، معناه أن الرئيس الأميركي غير مهتم بالإصغاء إلى الفلسطينيين ولا حتى للتيار الرئيسي من يهود الولايات المتحدة، ولا المنظمات العربية- الأميركية، ولا لعشرات من أعضاء الكونجرس، الذين يرفضون تعيين «فريدمان» سفيراً لواشنطن في تل أبيب. وكشف عريقات أن المسؤولين الفلسطينيين أجروا خلال الفترة من 7 فبراير إلى 30 نوفمبر 2017 ما يزيد على 30 لقاءً مع مسؤولين في إدارة ترامب، من بينها أربعة لقاءات بين ترامب وعباس، والنتيجة أن ترامب خرج عن السياسة الأميركية التي استقرت لعقود، وامتنع عن انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الانسان، وامتنع عن نقد استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات. وبعدما اعتذرت الإدارة الأميركية عن إقرار «حل الدولتين»- الذي قد يجعل الأميركيين متحيزين- سرعان ما تغير موقف الإدارة، ليصبح احتمال الموافقة على حل الدولتين إذا وافق الطرفان عليه، وهو ما يراه عريقات على أنه ليس تنازلاً، بل موقف يمنح نتنياهو سلطة الاعتراض على حل الدولتين. «سان ديجو يونيون تربيون» في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «أميركا ليست بحاجة إلى استعراض عسكري سيادة الرئيس ترامب..»، رأت «سان ديجو يونيون تربيون» أن رجال القوات المسلحة يستحقون كل التقدير والاحترام لأنهم يضعون أرواحهم فداء للوطن ويضحون بأنفسهم لحماية الأميركيين كل يوم، لكن حتى من ينتسبون لهذه القوات لديهم قناعة بوجود احتياجات أخرى للمحاربين القدامى، خاصة وأن زيادة الميزانية الدفاعية التي تم إقرارها الأسبوع الماضي، لا يعني أن كل المشكلات التي تُركت لسنوات طويلة، بسبب قيود الميزانية قد تم حلها بالكامل. على سبيل المثال، وفي أكتوبر الماضي، أفصح مكتب تجنيد مقاطعة «أورانج» جنوب ولاية كاليفورنيا عن زيادة في عدد القتلى والمصابين المشاركين في الحروب من أبناء المقاطعة، وهو ما برره وزير الدفاع جزئياً بالافتقار إلى التمويل اللازم للتدريب، ما يعني أن ضعف التدريب والجاهزية مشكلة حادة يعاني منها الطيارون العسكريون، ومسألة من هذا النوع -حسب الصحيفة- ينبغى أن تحظى بأولوية تفوق مسألة العرض العسكري، وهناك احتياجات أخرى تتعلق بالمحاربين القدامي، مثل حاجة عشرات الآلاف منهم للعلاج من الصدمات النفسية التي تطالهم بعد مشاركتهم في الحروب. «مات لاتمير» كاتب خطابات جورج بوش الابن، أشار في مجلة «بوليتكيو» إلى أن ترامب وضع فخاً لخصومه الذين ينتقدون العرض العسكري. فهؤلاء سيتم النظر إليهم كمعادين للجيش الأميركي، لكن ليس أعداء ترامب فقط هم من يفكرون في تكلفة العرض ويعتقدون أنه أمر يصعب تبريره، بل أن عدداً كبيراً من المحاربين القدامى لديهم الموقف ذاته، وهؤلاء يفهمون أكثر من أي شخص آخر أن لدى الجيش الأميركي ما هو أهم من العرض العسكري، الذي دعا ترامب لإطلاقه الثلاثاء الماضي.