تنظر جمهورية الصين الشعبية بتقدير بالغ إلى تجربة التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعتبرها نموذجاً للنجاح الباهر في المنطقة، سواء بالنظر لما حققته من إنجازات كبيرة في العديد من المجالات، أو لأنها تمتلك المقومات التي تضمن لها مواصلة مسيرة التطور على الصعد كافة. لقد عبَّر فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مقالة بمناسبة زيارته المرتقبة لدولة الإمارات، اليوم الخميس، تحت عنوان: «يداً بيد.. نحو مستقبل أفضل»، عن هذا التقدير بوضوح، حينما أكد «أن دولة الإمارات العربية المتحدة، تمثل واحة التنمية في العالم العربي»، وأشار في الوقت ذاته إلى أن البلدَين الصديقَين يكملان بعضهما بعضاً في التنمية، وهما شريكان مهمان للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من رؤى تنموية متقاربة وأهداف سياسية متطابقة وروابط تعاون متنامية. وتُولي جمهورية الصين الشعبية أولوية استثنائية لتطوير علاقاتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعتبرها البوابة الرئيسية لتعزيز وجودها في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام. وتمثل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم محطة بارزة في مسار العلاقات الثنائية، وتعكس المكانة الكبيرة التي تحتلها دولة الإمارات في الاستراتيجية الصينية تجاه المنطقة، وخاصة أنها تُعتبر المحطة الأولى لجولة الرئيس الصيني الخارجية الأولى في هذا العام بعد إعادة انتخابه رئيساً. لقد شهدت العلاقات الثنائية بين الدولتين نقلة نوعية خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد الزيارة الناجحة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إلى الصين في ديسمبر 2015، حيث تم التوصل إلى توافق مهم حول سبل تطوير العلاقات (الصينية الإماراتية)، والانتقال بمستوى الشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مرحلة متقدمة تحقق مصالح الشعبَين الصديقَين في التنمية والازدهار. ولا شك في أن هذا التقدير الصيني لدولة الإمارات العربية المتحدة إنما يأتي بفضل ما تمتلكه قيادتها الرشيدة من رؤية واضحة بعيدة النظر تركز على التنمية وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والإنسانية، ليس للمواطن الإماراتي على المستوى الداخلي فحسب، بل لجميع شعوب بلدان العالم، وبخاصة تلك التي تعاني ويلات الحروب والكوارث الطبيعية، إضافة إلى دعواتها المستمرة للحوار والسلام والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهي المبادئ نفسها التي تنطلق منها جمهورية الصين الشعبية في سياستها الخارجية. وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية سمات مشتركة تدفع في اتجاه ترسيخ شراكتهما الاستراتيجية. فمن ناحية، تقدمان نموذجاً ملهماً للتنمية يتجاوز في تأثيره حدود البلدين. وكما قال الرئيس شي جين بينغ، فإن «السنوات الـ34 الماضية شهدت تنمية سريعة ومعجزة تنموية صنعها البَلَدان في طرفي القارة الأوروآسيوية، وأصبحت جمهورية الصين الشعبية محركاً مهماً لنمو الاقتصاد العالمي، فيما أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة واحة التنمية في العالم العربي، كذلك كانت السنوات الـ34 الماضية شاهدة على جهود البلدَين لاستكشاف الطرق التنموية التي تتماشى مع الظروف الوطنية وخطواتهما المتسارعة نحو التحديث مع الحفاظ على الاستقلالية». ومن ناحية ثانية، فإن الدولتين تشاركان بفاعلية في تحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة، لأنهما تدركان أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والتعاون في مواجهة التحديات المرتبطة بها، كالفقر والبطالة، ينبغي أن تأتي في مقدمة أولويات المجتمع الدولي. ولهذا فإن الدولتين، كما يؤكد الرئيس الصيني، «أصبحتا صديقَتين مخلصَتين تكمّل إحداهما الأخرى في التنمية، وشريكَين مهمين للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من الرؤى التنموية المتقاربة والأهداف السياسية المتطابقة وروابط التعاون المتنامية». ومن ناحية ثالثة، فإن الدولتين توليان اهتماماً كبيراً بالمستقبل، وضرورة الاستثمار فيه، فـ«مئوية 2071»، التي أطلقتها دولة الإمارات العام الماضي (2017)، وتستهدف جعلها أفضل دولة في العالم وأكثرها تقدماً، بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في العام 2071، تتشابه في منطلقاتها وأهدافها الطَّموح مع المشروع الطموح الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، تحت مسمى «بعث الأمة الصينية»، لتعزيز مكانتها على الساحة الدولية، سياسياً واقتصادياً، وتمثل مبادرة «الحزام والطريق» أحد محاور تنفيذ هذا المشروع، وتتطلع جمهورية الصين الشعبية إلى التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ هذه المبادرة، بما يخدم مصلحة الشعبَين بصورة أفضل. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية