تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تفعيل كل ما يؤصل لمكافحة الجرائم الإلكترونية، مهما تعددت أشكالها وأنماطها، من خلال إقرار تشريعات وسياسات تحمي البيانات الشخصية للأفراد والمؤسسات، وتكافح الأفكار والطروحات التي تسعى إلى القيام بأي عمل له علاقة بالتحريض على العنف أو الجريمة أو التطرف أو الإرهاب، ومكافحة كل أشكال الاستخدام غير المشروع للوسائل التكنولوجية والمعرفية والرقمية، انطلاقاً من استراتيجية الدولة في صون أمن الأفراد والمؤسسات من أي انتهاكات، أو إساءات تمس أمنهم واستقرارهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وبما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت الدولة عليها بهذا الشأن.
ومؤخراً، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم بقانون اتحادي رقم/2/ لسنة 2018 باستبدال نصوص المواد (26)، و(28)، و(42) من المرسوم بقانون اتحادي رقم/5/ لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تتعلق بعقوبات لمن ينشئ أو يدير أو يشرف على مواقع إلكترونية تنشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية، لجماعة إرهابية أو هيئة غير مشروعة بقصد الاستقطاب أو المساعدة، فضلاً عن عقوبات تطال نشر محتويات تحرّض على الكراهية، أو أي بيانات تعرّض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر، أو تمسّ النظام العام.
لقد واظبت دولة الإمارات العربية المتحدة على مكافحة الجرائم الإلكترونية كافة التي تمسّ حياة وأعراض الناس، أو تخص الحكومة والمؤسسات في الدولة من دون موافقتها، أو القيام بأي ممارسات تقنية ومعلوماتية، يقصد منها ارتكاب أو إخفاء جريمة، أو قرصنة مواقع إلكترونية تخص الغير، أو مخالفة الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كالاتجار بالبشر أو الأسلحة أو المخدرات، وكل ما من شأنه مخالفة أحكام القانون التي تعرّض أمن ومصلحة الدولة ومؤسساتها ومواطنيها للخطر، أو تثير العنصرية والطائفية، أو تضرّ بالوحدة الوطنية، أو تسيء إلى الأشخاص أو المقدسات، أو تنشر أي مواد تمسّ الأخلاق والآداب العامة.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة سبّاقة في سن القوانين التي تحارب جرائم الإنترنت بكل أشكالها، وخاصة القيام بنشر الأفكار التي تحض على التطرف والعنف والإرهاب، والإساءة إلى الأديان والمعتقدات، حيث جاء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بتعديلاته كافة، مواكباً منذ أن تم إقراره، في عام 2006 ولغاية الآن، للثورة التكنولوجية التي تشهدها الدولة، ما استدعى ضرورة مواجهة الممارسات التي قد تؤدي إلى أفعال غير مشروعة، لتكون بذلك دولة الإمارات من أوائل الدول العربية التي تقرّ قوانين في هذا المجال، تواجه بها الجرائم المالية وجرائم الاعتداء على خصوصية الأفراد، والجرائم التي تمس أمن الدولة، باستخدام شبكات وتقنيات المعلومات.
دولة الإمارات لم تتوقف عند إقرار القانون الخاص بمكافحة الجرائم التقنية، إنما تواصل مراجعته بشكل مستمر، وبما يواكب التغيرات والتطورات الحاصلة في هذا المجال، وذلك بالتنسيق بين الأجهزة المختلفة في التعاطي معها، حيث قامت وزارة الداخلية بمجهودات كبيرة في إنشاء إدارات متخصصة بهذه الجرائم، وتأهيل الكوادر الوطنية لمتابعة مستجداتها، فضلاً عن دور وزارة العدل في تدريب وتأهيل القضاة في هذه المجالات، إضافة إلى توافر دوائر متخصصة في المحاكم الاتحادية تنظر في الجرائم الناشئة عن تقنيات المعلومات، بكل أشكالها وأنماطها وأساليب ممارستها.
كما تعمل الحكومة في دولة الإمارات على رفع منسوب الوعي والثقافة لدى مستخدمي التكنولوجيا الحديثة من أجهزة وبرامج، وتعريفهم بالطرق التي تستخدم في الإساءة أو الاستغلال عبر الوسائل التكنولوجية، من خلال إقامة دورات وورش عمل تنشر الوعي بين المستخدمين، وتعزز لديهم المهارات اللازمة لتحقيق الاستخدام الآمن للبرامج والأجهزة الإلكترونية، بما يعزز استراتيجية الدولة في مواجهة الجرائم الإلكترونية، التي تعتمد على إشراك الجهات المعنية كافة، كجهات إنفاذ القانون والمؤسسات المالية وغير المالية والتجارية والاقتصادية والجهات الحكومية، في مواجهة هذه الجرائم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية