ترقى الأمم وتعلو قامة الأوطان، وتزهر أوراق الزمان، ويفترش الطير أعشاشه في المكان، ويصبح وجدان الإنسان بستان أمان، عندما تصير الذاكرة مآلاً للفكرة المجللة بالصروح الشامخة على صدر الأرض. تحتفي الإمارات، وتحتفل وترفل بثوب الفرح، وهي تدشن صرح القائد المؤسس، وباني سعادة الإنسان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. هذا هو تاريخ الإمارات، تاريخ مكلل بالنجاح، وذاكرة محملة بأحلام الذين نسقوا أبيات الوطن، في قصيدة عصماء لم تزل ولم تخل، ولم تكل ولم تمل من وضع المحسنات البديعية، عند قافية الطموح وترسيخ الوزن، ضمن بحور التطلع إلى مستقبل يشرق بوجوه العشاق، ويضاء بقناديل الذاهبين في أحشاء البحر، لأجل درة تضع وميضها على نحر الوطن. صرح زايد المؤسس، هو شراع ذاكرة تنثر بياضها ليسافر الوطن عبر آفاق العالم وأنهار الحياة، ولتمضي السفن بين المحيطات، تعانق الموجة وتهدي الطير وشوشة المساءات، وتغاريد الشوق والتوق إلى وجنات الإبل النبيلة وجباه الجياد الأصيلة. صرح زايد الخير، هو تكريس لأشواق لا نهاية لمداها، ولا انتهاء لامتدادها لأنه الصرح الذي مد مداه في المدى، فامتد حباً يملأ القلوب بعذوبة التذكر وخصوبة الوعي، بأهمية أن يكون للمقامات الرفيعة ظلال تستظل بها النفوس وتستريح عند أفيائها سفن السفر الطويل. صرح زايد هو ذاكرة الإنسان الإماراتي، وهو كتابه المفتوح على المطلق، والكلمة المنسوجة من خيوط الحرير والزاهية بحروف «ز.. ا.. ي.. د»، وهي المتناهية في الوجدان، شجرة وارفة تتفرع منها أغصان الحب وثمرات العطاء الإنساني. صرح زايد، بنيان في قلوب الناس، وبيان في أذهانهم، وبنان في الأفق يشير إلى أن الحقيقة هي الأوفياء، هم الذين يخلدون، وتكون أسماؤهم مثل أهداب الشمس لايطفأ لها نور ولا يخبو ضياء، لأنها أسماء نسجت من أنفاس الصحراء الخالدة، وصيغت من زرقة السماء، ونقشت من خضر خصلات النخل النحيبة. صرح زايد، جذر الشجرة التي سمقت وبسقت، وارتاحت عند شغاف الغيمة، لتهطل مطراً على أديم الأرض، فتنمو أعشاب الحياة في كل مكان وزمان، وتصير الذاكرة دفتراً وقلماً، ويصير الإنسان سجل التاريخ، ويصير الوطن، نهر يغسل أحلامه بالعذوبة. صرح زايد، قيم تنهض على الأرض، وشيم ترتقي إلى السماء، ووفاء من أهل الوفاء لمن زرع الوفاء أعشاباً لا تذبل خيوطها، ولا يشحب لونها.. صرح زايد انتماء للحقيقة.