يحل علينا ضيف عزيز كريم، شهر رمضان المبارك، خير شهور العام، شهر الصيام والبركات الذي يتفنن الكثيرون في إخراجه عن صورته الصحيحة وجوهر رسالته السامية. شهر يشهد على أرض إمارات الخير والعطاء أجمل وأروع مبادرات العطاء، والجميع يتسابق لترسيخ قيم الخير التي جبل عليها مجتمعنا الأصيل، ولعل في مقدمة ذلك، مبادرات إفطار الصائم ومجالس العلم والزيارات الاجتماعية التي تزداد خلال ليالي الشهر الفضيل. في مقابل هذه الصور الزاهية الخيرة تزداد كذلك بعض المظاهر السلبية، والتي يصر البعض على ربطها بشهر الصيام، ونعني بذلك الذين يعطلون مصالح الناس في بعض الدوائر بتأخير إنجاز معاملاتهم. ترى الفرد منهم يمضي متثاقلاً لأداء واجبه عابساً في وجه مراجعيه متذمراً متأففاً من كل ما حوله، فقط لأن مزاجه متأثراً بسبب الصوم. أمثال هؤلاء ينتشرون في الكثير من مكاتب دوائرنا ويمثلون حالة قائمة بحد ذاتها دون أن يستوعبوا ليس فقط القيم الجميلة التي يحث عليها الشهر الكريم ودين الحق، بل وحتى الجهد الدؤوب الذي تؤكده الدولة في برامجها ليس فقط للارتقاء بخدمة الناس والمراجعين وإنما إسعادهم. أما أكثر المظاهر السلبية إزعاجاً والبعيدة كل البعد عن تقاليد المجتمع، وأصبحت مرتبطة بالشهر الكريم، فهي المبالغة في المشتريات، بحيث نجد جحافل المتسوقين يغزون منافذ البيع كما لو أن هذه السلع ستختفي من الأسواق، ويوفرون ذريعة لتلك المنافذ لرفع أسعارها، وبالتالي الاستفادة من حمى الإقبال والاستهلاك بهذه الصورة غير الطبيعية. وعلى الرغم من أن الكثير من منافذ البيع الكبرى أعلنت عن استمرار عروضها المخفضة للسلع الأساسية على مدار الشهر، إلا أن مدمني الاستهلاك والمهووسين بالشراء يصرون على اختلاق الازدحام وما يترتب على هذه الأمور الغريبة والدخيلة على المجتمع. وهنا لا يفوتنا الإشارة للجهد الكبير الذي تقوم به كل عام العديد من الجهات لكبح محاولات بعض الموردين للاستفادة من حمى الموسم للتلاعب بالأسعار أو التخلص من مخزون بضائعها، كما تفعل الفضائيات التي تحتدم المنافسة بينها وكأنما لن تكون أية مشاهدة لمحطاتها بعد انقضاء الشهر الكريم. ومع استقبال شهر رمضان المبارك نوجه كل التحية والاعتزاز وخالص الدعوات الطيبة لحماة الوطن المرابطين، مترحمين على شهدائنا الأبرار، والله نسأل أن يتقبل منا ومنكم صيامه وطاعاته، ومبارك عليكم الشهر، وكل عام وأنتم بخير.