رمى عصاه السحرية، ترجل عن الخشبة، أغلق باب الشاشة، وغادر، ارتقى كنجم لا يأفل، ذلك لأن مسكنه أصبح في القلوب وإبداعه سكن ذاكرة متقدة، فعلى مدار ما يزيد عن خمسين عاماً شكل الفنان عبد الحسين عبدالرضا حالة فنية استثنائية ملئها الموهبة الكبيرة في القدرة على الأداء الكوميدي والدخول كالنسيم إلى البيوت في الخليج، ليرسم ابتسامات كثيرة وضحكات على وجوه الصغار قبل الكبار في أغلب أعماله التي واكبت المراحل المهمة في الخليج العربي، الذي كانت جميع دوله ماضية في درب البناء والتحديث، خاصة الكويت منارة الفن والجمال في الخليج فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، حيث كان يأتي المسرح وتأتي الدراما وتأتي الثقافة بأشكالها المتعددة. في ذلك الدرب بزغ نجم الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا ليقدم الكثير من الأعمال الفنية التي كان يتردد صداها في البيوت عبر التلفزيون الأبيض والأسود بشخصيات مميزة التصقت طويلاً باسم الفنان عبدالحسين ومنها شخصية «بو عليوي». التصق عبدالحسين في فنه بالناس، كان قريباً من قضاياهم وهمومهم وتطلعاتهم، كان قريباً بأسلوب سلس وصادق، مكنه من التغلغل بحب في قلوبهم، فأحبوه، حتى أنهم صاروا يكررون جمله ويقلدونه في الواقع. وقف على المسرح فأبدع الكثير من الأعمال المسرحية التي كانت تلاقي صدى كبيراً من الإعجاب والتفاعل مع الجمهور، وخاصة تلك الأعمال التي أنجزها برفقة صديقة ورفيق دربه سعد الفرج، هذا الفنان الكبير الذي واكب عبدالحسين في مجموعة من أعماله المفصلية على خريطة الكوميديا الخليجية. جرب عبدالحسين عدداً من الفنون ونجح فيها نجاحاً ساحقاً، مثل الأوبريت الغنائي الاجتماعي مع الفنانة القديرة سعاد عبدالله خاصة في أوبريت «شهر العسل» الذي رُددت كلماته على ألسن جيل السبعينيات. خاض حقل الكتابة المسرحية ولامس القضايا الاجتماعية الكويتية والقضايا السياسية العربية، حيث كان يحمل كفنان تطلعات وآمالاً كبيرة في واقع عربي متعافٍ، وذلك عبر نقد واقعه والسخرية منه بأعمال كوميدية ستبقى علامة بارزة في مسيرته. سيرة طويلة وكبيرة لهذا المبدع الذي ودعنا أخيراً، بعد تاريخ من الوقوف على الخشبة والظهور عبر شاشة التلفاز، تاريخ من الإبداع طرز بالجهد والعرق والحب والصدق والإخلاص في التجربة التي ستبقى مضيئة في الذاكرة.. فوداعاً أيها الجميل الراسخ كأجمل الفنانين الملتزمين الذين قدموا فن الكوميديا. saad.alhabshi@aliitihad.ae