في أغسطس من عام 2016، خسرت بلجيكا مباراة أمام إسبانيا بهدفين مقابل هدف.. وقتها كان المدرب الحالي للفريق البلجيكي، روبيرتو مارتينيز، قد تولى المهمة منذ شهر تقريباً، ووقتها أيضاً قرر أن يحدث انقلاباً في طريقة لعب «الشياطين الحمر».. اتخذ قرار التغيير وأصر عليه.. قرر أن يترك طريقة اللعب الكلاسيكي التي يلعب فيها بأربعة مدافعين إلى ثلاثة فقط، لكنه كان بحاجة إلى «بطل»، يعاونه في صناعة الأبطال، ووقتها أيضاً قرر الاستعانة بالنجم الفرنسي المعتزل تيري هنري مدرباً ثانياً في الجهاز الذي يضم أيضاً حارس مرمى المنتخب الإسباني السابق إنياكي بيرجارا. مارتينيز، تحدث وقتها عن طريقته الجديدة، التي تمكنه من استخراج أفضل قدرات لاعبي المنتخب البلجيكي، وقال: كنا في حاجة إلى لاعب يعرف كيف يصنع بطلاً، ولم نجد أفضل من تيري هنري الذي أضاف لنا الكثير، فقد كان لدينا أفضل 23 لاعباً في البلاد، لكن ليس بالضرورة أن يشكلوا أفضل فريق.. كنا بحاجة إلى التوازن، ويبدو أن هنري صنع ذلك التوازن الذي تجني ثماره بلجيكا بامتياز في المونديال الروسي بغض النظر عن نتيجة الأمس. وقبل كأس العالم، تحدث مارتينيز عما صنعه ويصنعه هنري الذي ساعد في كسر الحواجز الذهنية لـ «الشياطين الحمر» قبل نهائيات كأس العالم. نفس الكلام، قاله توبي ألديرفيريلد نجم المنتخب البلجيكي الذي تحدث عما فعله وجود تيري هنري بهم.. لقد ساعدهم - على حد وصفه - في التقدم لأبعد ما يكون.. باختصار كان مصدر إلهام. هنري تولى المهمة منذ قرابة ثلاث سنوات، وتحديداً منذ السادس والعشرين من أغسطس عام 2016.. ثلاث سنوات، لكنها كانت فارقة ومهمة في مسيرة فريق، عرف ماذا يريد، وما الذي ينقصه، فبدأ على الفور إصلاح هذا الخلل.. فريق عمل في صمت، ويفوز كل يوم في صخب. تيري هنري الذي توج مع منتخب فرنسا بكأس العالم عام 1998، وبطولة الأمم الأوروبية عام 2002، والذي قرر بعد تعيينه مدرباً مساعداً لمنتخب بلجيكا، التبرع براتبه في تلك المهمة والبالغ 50 ألف يورو سنوياً، مكتفياً بأربعة ملايين إسترليني يتقاضاها كمحلل في «سكاي سبورتس»، تمكن مع مارتينيز من تحقيق نقلة حقيقية في أداء المنتخب البلجيكي، وقاد الثنائي الفريق للفوز في تسع مباريات من أصل عشر مواجهات في تصفيات أوروبا لكأس العالم، ليصبح أول منتخب بلجيكي يحجز مقعده في مونديال روسيا، ويقدم فيها أداء لافتاً وباهراً من البداية حتى الآن. مارتينيز يؤكد في كل مناسبة أن هنري يقدم عملاً مذهلاً، وعبر باللاعبين الكثير من الحواجز النفسية، وفي الملعب يؤكد رفاق إدين هازارد أن ما حدث كان أكثر من الأهداف ومن الطريقة.. ما حدث أنهم لامسوا البطل، وأصروا أن يقتربوا منه.. ما حدث أنهم عرفوا وعملوا.. ما حدث أنهم بحثوا عن مصدر للإلهام، بدلاً من الغرق مثلنا في بحور من الكلام. ** كلمة أخيرة: لم يصنع الكلام يوماً بطولة.. من يتكلم كثيراً لا يحقق شيئاً