كرة القدم لا تتطور بردات الفعل العاطفية، كما أن قراراتها المصيرية لا يجب أن ترتبط بنتيجة مباراة قد تؤدي إلى الخروج من بطولة مهما كان حجمها، فمن الظلم أن يكون مصير أي مدرب متعلقاً على لحظة وقتية وجرة قلم من مسؤول لم يقم بدوره المطلوب واختار الحلقة الأضعف وهو المدرب الذي لطالما كان هو الضحية، يحصل الجميع على الفرصة تلو الأخرى أما هو فعقوبته فورية وهذه عموماً ثقافة عربية. لوف مدرب ألمانيا والذي كان بطلاً قومياً في بلاده عشية التتويج بلقب كأس العالم قبل 4 سنوات، وهو اليوم المتهم بخروج المنتخب الألماني من الدور الأول للمونديال، هذه وجهة نظر بعض الجماهير بالطبع، أما الجهة الرسمية والمسؤولة فلها وجهة نظر مغايرة، فليس من العدل تحميل المدرب كل المسؤولية وليس من المصلحة إقالته ونسف كل العمل الذي قام به طوال 12 سنة، واليوم فالنتيجة المخيبة للمنتخب أصبحت في ذمة الماضي، وبدأوا يتطلعون إلى المستقبل فوراً وكان تجديد الثقة بلوف هي أولى القرارات التصحيحية لتجاوز آثار الإخفاق. كذلك فعل الاتحاد الأرجنتيني، ففي الوقت الذي تلقي فيه جماهير الأرجنتين وخصوصاً العرب منها باللوم على المدرب وتبرئ ساحة اللاعبين، كان للجهة المسؤولة رأي آخر، فقد دفع المنتخب الأرجنتيني خلال السنوات الماضية ثمناً غالياً لسياسة إقالات المدربين المرتبطة بنتائج المشاركات المختلفة، فغاب الاستقرار ولم يحصل المدرب على الفرصة الكافية للحكم عليه وبالتالي لا يكون المدرب الذي يخلفه بأحسن حظاً من السابق، فهو يقود الفريق وشفرة المقصلة جاهزة للإطباق على رقبته في أي وقت، وعندما يغيب الأمان والاطمئنان يضيع التركيز في أي عمل كان. حتى أولئك المدربون الذين نجحوا في قيادة منتخباتهم إلى الدور نصف النهائي لم يسلموا من سهام النقد التي وجهت إليهم، خصوصاً من وجهة نظر عربية خالصة، فديشامب أقل من قيادة الأسماء التي يضمها المنتخب الفرنسي، ومارتينيز ارتكب أخطاء كارثية في الشوط الثاني لمباراة بلجيكا والبرازيل، وزلاتكو لن يرضى عنه البعض ولو رفع كأس العالم، فهي ثقافة عربية لا ترضى أن تمضي كرة القدم في هدوء وسكينة، فلابد من ضحايا في أوقات الخسارة قد لا يكون من أجل المصلحة العامة، ولكن لنقول إنها تهدئة غضب أو «فشة خلق» حتى لو اضطررنا لهدم البناء والعودة إلى نقطة الصفر، ثم نتساءل بسذاجة شديدة لماذا يتطورون ونحن «محلك سر».