وصلت فرنسا إلى المباراة النهائية لكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها، لم تكن بحاجة إلى صنع الكثير من الفرص، ولم تكن هناك أهمية كبيرة للاستحواذ، ولم تطلب العون من مهاجميها، فكل ما كان مطلوباً هو كرة ثابتة أو ركلة ركنية، نفذها جريزمان، واستقبلتها رأس المدافع أومتيتي، وهدف تمت صناعته في «الليجا» الإسبانية بين لاعبين متنافسين هناك، ولكنهما اليوم زملاء في فرقة «الديوك». وإذا كان الوصول إلى نهائي المونديال ليس جديداً على فرنسا، فإن الجديد هذه المرة هو أن زيدان لن يكون هناك في الموعد الذي كان أهم عناصره في المرتين السابقتين، زيدان في 1998 كان هو كلمة السر في التتويج بلقب المونديال للمرة الأولى في تاريخ الأمة الفرنسية بتسجيله هدفين في المباراة النهائية بمرمى البرازيل، كما كان هو الذي قاد «الديوك» إلى نهائي 2006 أمام إيطاليا، وكان هو الحدث الأبرز فيها بتسجيله هدفاً من ركلة جزاء بثقة لا يمتلكها إلا زيدان، وتعرضه للطرد في حادثة النطح الشهيرة. اليوم أصبحت فرنسا طرفاً أول في أهم مباراة بالمونديال بأفخر المواهب الذين كانوا نتاج مصانع الإبداع الفرنسية، والتي تنافس في جودتها وإنتاجها ما تقوم به معامل العطور الباريسية، وتحت قيادة لاعب من جيل 1998، والذي ذاق حلاوة الشهد المونديالي للمرة الأولى في التاريخ الفرنسي، ديديه ديشامب، هو الأكثر إدراكاً بين كل عناصر المنتخب قيمة أن تكون بطلاً للعالم، وهذه المرة يبحث عن مجد جديد لم يحققه سوى زاجالو وبيكنباور ليكون ثالث اثنين، فهما اللذان سبقاه بالتتويج بكأس العالم كلاعبين ومدربين. قبل سنتين وصلت فرنسا إلى مباراة نهائية كذلك، وكانت في كأس أوروبا التي استضافتها وكان الخصم آنذاك هو المنتخب البرتغالي، يومها كانت كل الترشيحات تصب في مصلحة فرنسا، وكل الظروف كانت تلعب في صف أصحاب الأرض، خصوصاً عندما خرج البرتغالي رونالدو مصاباً منتصف الشوط الأول، ولكن كرة القدم التي لا تعترف بالترشيحات المسبقة، ولا بالظروف كان لها رأي آخر، وعبست في وجه الفرنسيين. هذه الفكرة وتلك الذكرى تثير الرعب في قلوب ديشامب وبقية لاعبي المنتخب الفرنسي، خصوصاً أولئك الذين عاشوا ذلك الكابوس بتفاصيله المخيفة، واليوم حتى لو كانوا هم المرشح الأفضل، فالديوك لن تحتفل، وهم لا يريدون المبالغة بالفرحة، والوقت لا يزال مبكراً على الاحتفال، صحيح أنه مضت 6 مباريات ولكن تبقت سيدة مباريات المونديال.