الكرة أحلى ما في العالم.. في المونديال لا تشعر بتلك التوترات التي تشعر بها قبله أو بعده.. يبدو العالم أهدأ.. لا شيء سوى صخب الفرحة. تلقي الكرة بتمائم سحرها على الجمهور، الباكي فرحاً وحزناً هنا وهناك، وفي المدرجات بإمكان المشجعين أن يجدوا حكامهم إلى جوارهم.. هم أيضاً بشر.. لديهم الحماس نفسه.. يطل منهم الصبي الصغير، التواق إلى لحظة بلا عقد ولا بروتوكول. ليست الرئيسة الكرواتية كوليندا كيتاروفيتش وحدها التي خطفت الأضواء في المدرجات، ربما احتلت الصدارة ببساطتها وحرصها الدائم على الوجود، أو برسالتها التي صورتها من قمة «الناتو» تقول للاعبين: «سأكون مع كل قلب في كل ثانية»، ولكن هناك غيرها أسرتهم الكرة.. اليوم والأمس، وغداً، وستبقى الكرة هي «السيدة الأولى». ملك إسبانيا ودع منتخب بلاده قبل السفر إلى موسكو، وسافر لحضور مباراته مع روسيا، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر نصف النهائي وسيحضر النهائي، والرئيس الروسي حضر في أكثر من مناسبة، وفي مباراة الافتتاح، كان برفقته الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية. وفي بلجيكا، ليلة مباراة القمة مع فرنسا، تخلف كبار القادة البلجيك عن استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته، وبعضهم سافر إلى موسكو لحضور المباراة، وكذلك فعل ملك بلجيكا وزوجته، أما رئيس الوزراء شارك ميشيل، فشاهد المباراة في منطقة المشجعين بإحدى المقاطعات شرق البلاد. يذكر التاريخ أن الزعيم الإيطالي موسوليني، سرق كأس العالم عام 1934 ليهديها لشعبه، والزعيم النازي أدولف هتلر كان مشجعاً حماسياً لنادي شالكة، لدرجة أنه كان عازماً على قصف ملعب مانشستر يونايتد «أولد ترافورد» لتمهيد الطريق أمام شالكة للفوز ببطولة أوروبا، والزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا كان من عشاق ليفربول، والزعيم الكوري الشمالي الذي يتناقل العالم روايات لا تصدق عنه، يطير قلبه مع كل هدف يحرزه لاعبو «مان يونايتد». والرئيس الجزائري أحمد بن بلة، وصل شغفه بالكرة حد الاحتراف، فلعب لأولمبيك مرسيليا وأدرج اسمه ضمن أحد أندية الدرجة الأولى في بوليفيا، وكان وقتها في الرابعة والخمسين. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أبرز عشاق نادي زينت سانت بطرسبورج الروسي، والزعيم المصري جمال عبدالناصر مشهور عنه أنه كان أهلاوياً وكذلك السادات، فيما يفاخر الزملكاوية بانتماء الملك فاروق إليهم. ليس الأمر فقط أن الزعماء يخطبون ود الجماهير، ولكن الأعمق أن بداخل كل منا منطقة شديدة الخصوصية.. حين نتمنى أن نعود صغاراً ولو فقدنا كل شيء. كلمة أخيرة: لو مضت أحداث العالم كما تمضي المباريات.. لتغيرت أشياء كثيرة