(1) أيها الحب. حدثٌ جللٌ سيصيبُ بابك إن فتحت غرفة الإصغاء، وأجلست حشد الهامسين بالسوء في خضر مراعيها. وخللٌ غامقٌ سيعبر من خلالك ويُفسد بيضة الصحو قبل اكتمال النضج في فيض قلبك. الناسُ جياع كلام، وأنت نصف رواية يكتبها الآخرون، ونصفك الثاني محوها. والناسُ عطشى الخرافات، وماءُ التداعي نهرُ المصدّقين بها، ونبع الصمت مكمن من تجرّد حتى تمرّد ضد الأفول، وضد أن تُزفّ وهي عمياء، اللغة، إلى ختان أقلامها. واللسان إلى انسداد صرخته في فمٍ رضيع. وهذا الزمنُ الذي شفط كرامة الأحياء، لم يكن كلّه فراغاً في محضهِ، بل كان انسدال الستائر على جوقة المنادين بالانفكاك من الألم. وهم كثرٌ، وسنام الندم نما على ظهورهم جبلاً، وجرثومة الشؤم شكّت قلوب دهاتهم. فهم سادةٌ نعم، ولكن في السواد. ونساء أفكارهم بلابل ذاب الشمعُ على ريشها فسقطت في زار النار. ودار حول جرحِ خروج الروح منها طبّالون. وكانت تلك حفلة وأد الحقيقة يكررها الدعاةُ جهراً بعد جهر. كي يظل جمر السؤال دفقاً مسترسلاً وكي يفيض الجفاف، نهراً بعد نهر (2) تُرى، لو تعامدت الحقيقة يوماً على كتف العدم، هل نشهد خسوف الشك في خلجاتنا؟ هل ساقنا المربوطة دهراً في حظيرة الماضي، تصير نعلين حرّين يكحّلان عين الطريق؟ وتُرى، لو ألبسنا الجبال فساتين زفاف وشككنا نجوم الليل خرزاً في أنوفهم، هل تهجر الطبيعة شكل قسوتها، ويتصالحان، سقوطنا والمنحدر؟ وتُرى نرى، يهاجر المشلول في الذكرى من صبح لذّته، إلى مساء الغارقين في شهوة الليل الجديد؟ وإن حدث هذا وقد حدث، هل ترمي النساء الخواتم في سلال الفقراء، وهل يشرب الرجال هدنة الضوء، وتُزاحُ من الرؤى غمامة الرماد البعيد؟ بالتأكيد لا، لأن في أسفل الجمر ستظل تلعب أصابع النمّام وهو بثّاثُ أدخنةٍ، وفحّاحٌ في الفتيل، وكاوي جلود المندسّين في خيمة الصبر. وشمُ بصمتهِ يلمعُ على جبين الحانقين، وبعضاً من رذاذ عطسته يكفي لبناء الخراب. والأدهى أننا كلما وصلنا لنرجمه ظل يبتعد في صمغ السراب (3) لملم النرد، لا صفر فيه لترنّ أجراس حظك. فوزك الحقيقي عندما تقطف الوردة وتطعمها للغزال. وعندما حرثك في الإسفلت يصيرُ نقشاً لطريق الذاهبين إلى ذواتهم وقد عادوا إليها من بعيد. وفوزك أن تسبق الراكضين في الخفّة وفي قدميك نعلان من حديد