الإمارات في قلب العالم، وفي صلب الوجود، تمضي حقباً من الشفافية، وتزهر قامة في بناء الحياة، من دون تفاصيل في فصيلة الدم أو شعاب في وشائج الدين، أو تعاريج في دروب الحياة، أو إلتواءات في مفاصل الحلم.
الإمارات بناء من شهد العطاء، لا تغفو، ولا تهفو، ولا تخبو، ولا تطفئ شمعة في طريق الوجد، ولا تخبئ وعياً في تصاريف الزمن هي هكذا شعلة تضيء هي هكذا سنبلة تملأ وجدان الناس باللون الزاهي، هي هكذا زهرة تعطر المكان البشري بحيوية التلاقي، والتساقي، كي تصبح المآقي صافية صفاء عين الغزلان، نقية نقاء الأنهار، واسعة بسعة التضاريس الكونية، فعندما تذهب الإمارات إلى العالم فإنها تذهب من دون ريبة أو غيبة، هي تذهب كي تمتع الأنظار بنسق إنساني شيمته وحدة النسيج، وقوة المعنى، وصلابة الموقف، متانة المبدأ، ورسوخ القيم، وشموخ الرأي.
الإمارات شيدت أركانها من مبادئ رجل المواقف الصعبة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار على نهجه قادة آمنوا بأن الحياة جهاد من أجل العدالة الإنسانية، ومن أجل التسامح، والإندماج الكلي في نسيج العالم، إيماناً من قادتنا أن لا حياة للأفكار الصغيرة، في عالم تتسع حدقاته لتصل إلى عمق الوجود، من أجل كيان بشري خال من العنصرية، نقي من شوائب الشوفينية التي تزرعها بعض النفوس الضيقة، والتي تنثرها رياح الفكر المحبطة والعصابية والذهانية، ومن في ضمائرهم نثار من نفايات عصور أدبرت، وما بقي منها سوى هؤلاء الذين يدبون على الأرض زواحف متشظية بالحقد والكراهية.
يقول روسو: لو آمن الناس بما في ضمائرهم من حقيقة لما حدث هذا الفراق الديني بين الأديان، ولما حصلت هذه الشحناء التي تدبرها عقول زيفت كل الأشياء، وحرفت كل الأديان، سعياً لإرضاء الأنا المتضخمة والذات المتورمة.
الإمارات بهذا النسيم العقائدي العليل، تزف للعالم بشرى حياة هانئة، وتقدم للشعوب المظلومة مثالاً للفكرة الناصعة، والقيم المتألقة ضياءً، وتسير بالقارب البشري نحو أنهار العطاء، من دون وجل أو جلل أو خلل، وتعطي دروساً في هذا المجال تضيء دفاتر الذين يريدون أن يقرأوا واقعهم، ليفهموا ويستوعبوا أن الدرس البشري يبدأ من هنا، من هذا البلد الذي بناه زايد الخير على التواصل من دون شروط مسبقة، ومن دون إشارات حمراء تعرقل الذهاب إلى الحياة من دون مشقة.