لا مفاجأة في تفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية، فالإنفاق الخارجي على الهيمنة تقدمه طهران على سائر الأولويات الداخلية، وأحلام النفوذ الإقليمي يدفع ثمنها الإيرانيون يومياً من معيشتهم، في حين زاد العبث السياسي عن المتخيّل، ولم يُنتج التكاسر الإيراني مع الولايات المتحدة إلا مزيداً من الخسارات.
على وقع العقوبات الأميركية، وما سبقها من تصدعات في الاقتصاد، أبرز مظاهره انهيار الريال الإيراني، بداْ أنّ طهران تحاول فعلاً زجّ بلدين عربيين في أزمتها الداخلية، التي هي انعكاس لسياستها الخارجية التدخلية، ولطالما كان البلدان الشقيقان ساحتين لخطايا «الاستكبار» الإيراني وأخطائه.
العراق ولبنان يتحركان الآن لمنع تهريب الدولار إلى طهران، فالحيلة الإيرانية هنا تكمن في طلب النجدة من الميليشيات التابعة لها في البلدين، لمساعدتها في الحصول على كميّات من الأوراق النقدية الأميركية، لتخفيف حدة العقوبات، ومعالجة المعضلة الاقتصادية، أي أنها تُملي على قواعدها في العراق ولبنان تسديد مزيد من الفواتير عنها، وعلى نحو غير مشروع.
رسميّاً، تعامَلَ البلدان مع القضية بحزم يُحسب لهما، ويُحسب في الوقت نفسه على إيران التي تخالف كل القوانين الدولية، وتشجع على تهريب العملة. الرئيس اللبناني ميشال عون حذّر بوضوح من أخطار شديدة على اقتصاد بلاده، إذا ما تحايل «حزب الله» ومرجعياته في طهران على العقوبات ضد المصلحة اللبنانية، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن «تهريب الدولار يضر بالاقتصاد، ويسرق من المواطنين العراقيين» مقدّرات بلادهم.
هذا ما تفعله إيران في المنطقة بوضوح، تريد من حلفائها في العراق ولبنان، وربما سورية أن يعملوا بوظيفة «مهربي عملة»، إلى جانب مهماتهم الرئيسة في تهريب الأسلحة، وتنفيذ الأجندات المشبوهة إيّاها، ولا حاجة للتذكير بسوءات توسع إيران في هذه الدول، ويُضاف لها اليمن، فكل قذيفة قدمتها إيران إلى الحوثيين باتت ترتد على الشعب الإيراني في معاناة معيشية صعبة.
ما يهمنا، أن تكون الدول العربية بخير واستقرار. أما جنون العظمة، فلا علاج له، فعندما تُصاب به الدول يجوع شعبها، ويسأل عن ثمن الصاروخ، الذي يسقط على شعوب بريئة، تدفع أثمان الأوهام والغطرسة.