إليكم هذه القصة. دخل رجل إلى المطبخ ووجد زوجته تقلي سمكاً، وقد قطعت ذيلها، فسألها مستغرباً، لماذا تقطعين ذيل السمك قبل أن تضعيها في المقلاة، أجابت زوجته: هكذا تعلّمت قلي السمك من أمي! ولأن السؤال حيّرها، ذهبت الزوجة لزيارة والدتها وطرحت عليها السؤال نفسه الذي طرحه زوجها سابقاً: لماذا يا أمي تقطعين ذيل السمك قبل قليه؟ أجابت الأم: هكذا وجدت جدتك تصنع ففعلت مثلها. تركت المرأة والدتها واتجهت إلى جدتها وطرحت عليها السؤال نفسه: لماذا يا جدتي كنت تقطعين ذيل السمك قبل أن تقليه؟ فأجابت الجدة: لأن مقلاتي كانت صغيرة؛ فدأبت على قطع الذيل لكي تتسع المقلاة للسمكة!
هكذا بكل بساطة.. المقلاة كانت صغيرة. فالجدة لم تكن تملك مقلاة كبيرة، ولأن ظروفها كانت تضطرها لتقلي السمك في مقلاة صغيرة، كانت تقطع الذيل لتتمكن من قليه؛ وهكذا دأبت الابنة، وهكذا فعلت الحفيدة، وذلك على الرغم من أن ظروفهم تغيرت وأصبحت الأم تملك مقلاة كبيرة وكذلك الابنة!
نرتبط بأمور ونفعلها بحذافيرها وكأنها مُنزلة، فنحوّلها إلى مقدسة؛ ورثناها ممن سبقونا ونورثها لغيرنا الذين يتناقلونها كعادات وتقاليد، فيما الحقيقة أن الظروف دفعت من سبقونا لفعلها، ظروف بعضها سيئ وبعضها طارئ وبعضها اضطراري، ولكنهم أُجبروا للتعامل معها، ورغم ذلك، ولأننا لا نعلم عن ذلك، دأبنا على فعل ذلك، ولم نقف قليلاً لنسأل عن السبب، بل ونقوم بتوريثها لأبنائنا!.
يا ترى كم سمكة قطعنا ذيلها (لأن المقلاة صغيرة)، وقللنا من منافعها التي كان يمكن أن تتحقق لو لم نفعل؟! كم من عادة نفعلها من دون أن نسأل لماذا نفعل ذلك، وما هي الجدوى؟ وهل ظروفنا الحالية تبرر ذلك الصنيع؟ ثم ماذا لو لم تجد المرأة جدتها لكي تخبرها السر في قطع الذيل؟ وإلى أي درجة يمكننا أن نجد إجابات لجدوى استخدام وسلوك نقوم به بلا أي دلالة مقنعة في ضل غياب مرجعيات؟ وهل بالفعل نملك هذه الجرأة في طرح الأسئلة على أنفسنا وعلى المجتمع؟ وهل نعتقد أننا لن نتعرض يوماً ما من قبل أبنائنا لهذه الأسئلة؟! أعتقد أن إعادة طرح أسئلة منطقية حول الكثير من الأساليب والطرق التي نتعاطاها في أمور نتعامل معها كمسلمات، أمر نستحقه.