على أعتاب التاريخ تقف المرأة اليمنية شامخة، فقد سطرت اسمها بما هو خالد وباقٍ في حفيداتها حتى اللحظة. ويذكر لنا عمرو معد يكرب حسين الهمداني في بحثه عن «المرأة في اليمن القديم» أن نساء اليمن يمتد مجدهن فيطال التاريخ من بدايته.
فهناك شوف السبئية التي استحوذت على مفاتيح العلم ومنافذ المنطق، فنجحت مساعيها في الدفاع عن أخيها وفكاكه من محنته.
كما يفخر تاريخ اليمن بجوهرة نادرة هي طريفة بنت الخير الحميرية التي تزوجت الملك عمرو بن ماء السماء الازدي الكهلاني، وقد سبقها صيتٌ ممتد الأطراف فيُباهي بفصاحتها وبلاغتها العامة، وكذلك تنبؤاتها، فهي أول من تنبأ بانهيار سد مأرب فأخبرت بذلك صاحب الشأن فاستعد القوم للرحيل، إلا أن الانهيار باغتهم ولم يكن في اليد حيلة.
ولا نغفل عن ذكر لميس بنت أسعد تُبع زوجة الملك مرشد بن مالك الصافح من مملكة حِميَّر التي وُجِدَ قبرها وبجواره قبر أختها شمسة في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كُتِبَ عليه «هذه شمسة ولميس ابنتا تُبع مُتنا وإننا نَشهَدُ أن لا إله إلا الله».
ولابد من ذِكر ديمة من بيت رثدة، وهي جماعة شمر القتبانية عُثِرَ على قاعدة تمثالها البرونزي الذي يعود للقرن الأول قبل ميلاد المسيح (عليه السلام). وهناك صنفات الأبذلية التي عملت مع زوجها وقدمت تمثالاً من البرونز قرباناً ليهبها معبودها ولداً تستبشر به خيراً. وكذلك أب صدوق عزيم، سيّدة عالية المقام من عشيرة حران وقبيلة ذرآن قدمت نذورها لتصون موضع تمثالها فلا يتغير موضعه. وهناك أسليم وبلقيس وأروى وغيرهن كُثر.
المرأة اليمنية كان ومازال لها مكانتها في الحياة الاجتماعية، فهي الأخت والبنت والمرأة، والأم والزوجة والقرينة والرفيقة، والأرملة والوريثة. وفي الأدب والسياسية أثبتت قدرتها على احتواء المواقف والتضحية والصبر والحزم والأمل في آنٍ واحد. هي قدرتها الذهنية على امتصاص مرارة التاريخ وكلها أملٌ بأن الأجيال التي ستعقب فوضى الآن ستصنع تاريخاً يليق بشعب اليمن الحر الأبي.
للعارفين أقول: بلقيس ونساء اليمن من قبلها وبعدها هن رموزٌ حية تعيش بيننا لتجسد الشموخ والمجد والحرية والسلام. فيا بنات العم هيا، قوة ناعمة وبركانٌ هادئ حتى تتحقق الآمال ويعود اليمن كل اليمن، سعيداً ومسالماً وبعيداً عن الحنابة.