من منكم كان يعرف اسم علي اللنجاوي؟ بالتأكيد لا أحد، باستثناء أهله وأقاربه وأصدقائه وزملائه في الرياضات البحرية، حتى أنا لن أكذب عليكم، لم أكن أعرفه، ولكنه لم يكن بحاجة إلى معرفتي أو معرفتكم له، حتى يسافر إلى جاكرتا متوشحاً بشعار الدولة، مشاركاً في دورة الألعاب الآسيوية، ومحققاً الميداليتين الذهبية والفضية، ليرتفع علم الإمارات على منصة التتويج، ويقف شامخاً على خانة المركز الأول، هذا هو النجم الذي يجب أن يشار له بالبنان وهذا هو البطل.
كلنا مقصرون، وكلنا بحاجة إلى النظر بعين ثاقبة تجاه أولئك الموهوبين الذين لا يحصلون على الدعم الهائل الذي يحصل عليه أولئك الذين يتصدرون عناوين وسائل الإعلام، وتملأ صورهم صفحات الملاحق الرياضية، وتتحدث عن أدق تفاصيلهم البرامج التلفزيونية، وعند المحك الحقيقي يفشلون في ترجمة ذلك الدعم إلى إنجازات، ذلك هو الفرق، بين أبطال حقيقيين وأبطال من ورق.
لا نعرف من هو علي اللنجاوي، ولا نسمع عن مهرة الهنائي، ولا نعلم من هو خلفان بالهول، وبقية زملائهم من الذين عادوا من جاكرتا بألوان متنوعة من الميداليات، ولكن نعرف تماماً كل ما يتعلق بلاعبي كرة القدم، فمن أجلهم تقام النداوات والمؤتمرات، ولأعينهم توضع اللوائح وتعقد الاجتماعات، هم نجوم المشهد وأسياد الموقف، هم الذين من أجلهم يتم وضع سقف للرواتب ومن أجلهم يخترق السقف، تتنافس عليهم الأندية، وتهتف بأسمائهم الجماهير، حتى أن المسؤولين الرياضيين في مختلف الألعاب، يضبطون مواعيد اجتماعاتهم وأجنداتهم، حتى لا تتعارض مع مباراة مهمة، أو حتى غير مهمة في كرة القدم.
يجب علينا إعادة تقييم المشهد بإنصاف تام، وإعادة ترتيب سلم الأولويات وحصص الاهتمام، والالتفات إلى تلك الألعاب، ومنحها المزيد من الدعم والتركيز، ولن يتحقق هذا إلا باختيار الأشخاص المناسبين لإدارة دفة العمل في المؤسسات الرياضية، وهناك الكثير من المسؤولين الذين لا نسمع لهم صوتاً يذكر، فلا نشاهد صورهم، وربما لا نعرف أسماءهم، ولكن عندما تحين ساعة الحقيقة نجد إنجازاتهم تتحدث بالنيابة عنهم.
هناك الكثير من المواهب القادرة على تمثيل الإمارات خير تمثيل، ولا أعلم كم أضعنا منهم وكم فرطنا، ولكنهم بيننا ينتظرون الفرصة، ومثلما انتظرها اللنجاوي وظهر من حيث لا نعلم، واغتنمها ليهدينا أول ميدالية ذهبية في الآسياد، ويضيف إليها الفضية، وكأنه يشير إلينا، عل وعسى نشعر بالخجل، ونعيد التعريف لمفهوم النجم والهيبة لمسمى البطل.