عندما تقدم جماعة متطرفة ومخرفة ومنحرفة وطائفية حتى النخاع على الاستيلاء على شرعية حكومة منتخبة من قبل الشعب، وتغتصب مال الوطن، وتفرغ كل ممتلكات الدولة من محتواها، وتحول شعباً بأكمله إلى حفاة عراة، وتستخدم المال العام لإرهاب العزل، وقمعهم، واجتياح كرامتهم، وامتهان عزتهم، وجعل الوطن مطية يقودونها إلى جحيم الموت والتشرد، كل ذلك يحصل أمام مرأى ومسمع من عيون وآذان المؤسسات الأممية، وهي لا تحرك ساكناً، فإن ذلك يثير العجب، ويفضح ضمير هذه المؤسسات التي بدأت تعمل بالمكافأة اليومية، وتخدم أغراض الضمير الغائب، وتجعل شعوب العالم تقف مذهولة أمام هذا التشقق في جدار هذه «الأممية»، ومبهوتة جراء ما يحدث في أفنية تلك المؤسسات التي فقدت مشروعيتها لقيادة العالم إلى حياة آمنة، ونقية من لصوص المواقف، وسارقي الحقيقة، وناهبي الحق.
الحوثيون لن يماطلوا، ولن يتمادوا في غليائهم، ولن يجمحوا كما تجمح الضواري، ولن يجنحوا كما تجنح مراكب قراصنة الظلام، لولا هذا الجنوح الذي أصاب المؤسسات الأممية التي فقدت بوصلة الحقيقة، وضاع منها البرهان، وغاب البيان، وانهار البنان، وأصبحت مشلولة أمام طغيان الحوثي وبراعته في اللعب بالنار، والعبث بالذمم، والنبش في القبور لاصطياد النفايات التاريخية، والادعاء والافتراء، بكل ما يملك من هراء الخطاب الملوث بالعنصرية، والطائفية المقيتة.
كل ذلك يحدث، لأن قانون الغاب علا صوته، واتسعت حدقته، واختلط الحابل والنابل في مواجهة الموقف المزري الذي كرسه الحوثي، وجعله واقعاً يعيشه اليمن، ولكن كل تلك المشاريع الموبوءة، وكل تلك الخطابات الموصومة بالعار والخزي، لن تمر من دون عقاب، فكل المتجبرين وطغاة العالم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وذهبت ادعاءاتهم أدراج الرياح، لأنه لا يصح إلا الصحيح، وما ضاع حق وراءه مطالب، والأوفياء في الإمارات والمملكة العربية السعودية، ماضون في دحر العدوان، وإعادة الحق إلى أصحابه، ودماء الشهداء الأبرار لن تذهب هدراً ما دام الشرف الرفيع هو ناصية النجباء في البلدين، وما دام الإيمان بالله، وبالشرفاء من أبناء هذه الأمة، راسخاً، شامخاً، لن يهزه نعيق الغربان، ولا نقيق الضفادع، ولا نهيق الحمير، الضمير الحي وحده الذي سوف يحطم ركام بقايا القرامطة والفايكنج، وسوف يزدهر اليمن بأبنائه المخلصين، رغماً عن أنف زرادشت وزرين تاج، وكل من تنفس حقداً على عروبة اليمن.