ما يحدث في العالم من إرهاصات على مختلف الصعد ينبئ بأن البشرية على مفترق طرق سيتبدل فيها العالم كلياً، أي أنه في طريقه لقطيعة شبه جذرية مع الواقع الحالي. فالمتابع لما ينجز عالمياً على صعيد التقنية الرقمية ودخولها في حياة البشر، يلاحظ أن الانتقال إلى مستقبل مختلف بات وشيكاً، فها هو العالم الاصطناعي الذكي يتغلغل في حياتنا، يدير نفسه ويدير حياتنا، خاصة مع بداية انتشار إنترنت الأشياء، حيث تدير الأجهزة والآلات نفسها بنفسها. هي إذاً ثقافة حياتية جديدة بدأت تغزو العالم، وتحديداً العالم المقتدر، أي العالم الذي يملك المقدرات والإمكانات المادية والمالية والبشرية والبنى التحتية القادرة على استيعاب هذه التكنولوجيا التي ستسود كما يبدو شئنا أم أبينا. من ذلك يطرأ تساؤل: كيف لنا أن ندخل هذا المستقبل من دون أن نخسر الكثير من آدميتنا وإنسانيتنا، كيف نمر في هذا الحقل الشائك بالكثير من المؤثرات التي ستطال الجانب النفسي والثقافي، وحتى الاجتماعي؟ هنا في الإمارات العمل كما هو واضح يسير بصورة منفتحة على هذا التغيير المرتقب في العالم، عبر الاستراتيجية التي وضعتها الإمارات لمواكبة النقلة الجديدة في علم الإنترنت، والاستعداد لما يمكن أن ينتج عنه من مشكلات ثقافية ونفسية. لكن مع هذا التوجه نحو العالم الذكي هناك حاجة كذلك إلى مسؤولين لديهم القدرة على استيعاب هذا العالم المتطور باطراد، لديهم القدرة على الخروج من النمط التقليدي والمتخلف للإدارة في عالم بدأ ينتهج ويبتكر أساليب جديدة ونوعية لإدارة المؤسسات، اعتماداً على الكم الكبير مما يوفره الإنترنت، الذي كرس مفهوماً جديداً للإدارة. منها الإدارة عن بعد، والعمل عن بعد، والتسوق والدفع عن بعد.. أساليب تتخذ من الإنتاج والإبداع منهجاً في عالم سريع التطور، بحاجة إلى مسؤولين لديهم الشجاعة لتحمل مسؤولياتهم وخوض غمار المصداقية والشفافية في الإدارة. عندما سيسود عالم الإنترنت كل حياتنا، لن تبقى الشوارع كما هي، ولا البيوت، ولا السيارات، ولا أماكن العمل، ولا حتى أسرّة النوم.. لن تعود المدينة كما كانت، سوف نكون في عالم منفصل عن كل ما عرفناه، أو لربما لن نشهد نحن كجيل شيئاً من المستقبل الذي سيكون ساحراً.