في الانتخابات الإدارية لأي مؤسسة ثقافية، ينبغي أن تنشد الهدوء في حوارها، وتضمن بذلك بحث أجندتها بفكر ودراية، بل إن انعقاد الجمعية العمومية هي فرصة سانحة لأي مجلس إدارة لعرض ما يصادفه من مشقات أو ما يطمح إليه من تطلعات، وينبغي أن يعرضها على أعضاء الجمعية، وبذلك يبعد التشنجات التي تصادر الشفافية وهدر الوقت وتوتر الحضور، وينبغي على مجلس الإدارة أن يواجه ما يعرض عليه بشجاعة، وبهذا يقل الاحتدام وتظهر نتائج جميلة.
هذا حين تعرف المؤسسة الثقافية واجباتها، وتنتخب من الأعضاء من يحملون راية المسؤولية باقتدار وتكليف لا تشريف، وبما أنها تحمل في تشكيلها الإداري أعضاء من الأدباء والكتاب، فينبغي لها أن تدعو إلى الشفافية الإنسانية والإرث الثقافي الجميل وتترجم أبعاده وقيمه.
وما يوده الكاتب العضو من مؤسسته هو أن تحفظ له الود والمكانة، وتحفظ تاريخه الذي هو جزء من عطائه، وتحفظ له القيمة الفكرية من خلال المشاركة بالرأي والاستماع إليه، وبهذا تبرهن على المنهجية النقابية، والتي من شأنها أن تسير على جد ورصانة، ولا ننسى بأن سائر المؤسسات الثقافية لها رابط بالوطن، وتمثله بالخارج وما يحدث بالانتخابات يحظى باهتمام من المؤسسات الثقافية المماثلة.
وللمؤسسات الثقافية قيمة حضارية، لذا يجب أن تعمل على الحوارات المتيقظة، التي هي منهجية ثقافية حرة، فلا توبخ أعضاءها لمجرد أنهم تحدثوا في شأن المؤسسة، أو في شأن الإبداع، لأن الحوارات هي جسور مفعمة بالتحدي والخوف على المكتسبات، وهذه دلالة حرص من الأعضاء، ودلالة آراء ناعمة تستكشف مباطن الخلل، ولا يقبل بأي حال أن يحجم المبدع عن ذلك، أو يصادر رأيه، أو يهدد بالوعيد إذا ما كتب في الصحافة وأبدى رأيه فيقاضى، أو يعتبر في العرف مشاغباً، بينما في العرف الثقافي الآراء هي جزء من الثقافة الحرة والمثاقفة.
فماذا حدث في بعض المؤسسات الثقافية، حين تحشد وجوهاً أقل ثقافة بالانتخاب، ووجوه قمة الثقافة لكنها رهن الإشارة الانتخابية، وبهذا تصر على الحسابات الضيقة وتخشى من التوازن الإداري، وبهذا تصر على البيئة غير الشفافة ثقافياً، إذن ما يود من المؤسسات الثقافية، سواء كانت مجتمعية أم حكومية، هو أن تحرص على العمل الثقافي والإنتاجية الفكرية، وتحرص على جوهر الثقافة، وعطاء المثقف بالإمارات، وتبتعد عن الحميمية المخلة بالمنظومة الثقافية، وليبقى الاختلاف سمة من السمات الثقافية التي تساهم بإيجابية في منظومة البناء الفكري والريادي بعيداً عن شخصنة المؤسسات الثقافية وتكثيف عملها الفردي.