توجه بطل رواية «طوق الطهارة» بالدعاء لربه قائلاً: «اجعلهن عاديات يا إلهي.. لتصبح الأرض أكثر هدوءاً». وحسب الرواية، فصاحب الدعوة عاشق، تسببت الصبابة في تردي حالته النفسية، وفعل فيه حب امرأة مميزة «ناجحة وقوية» ما فعله، فأصبح حاله لا يطاق، ما اضطره اللجوء إلى طبيب نفسي باحثاً عن حل يُذهب به ذلك الألم الشديد الذي اعتصر صدره، وأفقده النوم وحجب عنه متع الحياة. ولذا جاءت دعوته، بعد أن أسداه الطبيب نصيحة ذهبية بأن لا يقترن أبداً بامرأة مميزة؛ مؤكداً للعاشق المنكوب في قلبه بقوله: «كل امرأة مميزة خلقها الله، خلق معها أحزاناً ومشاكل كثيرة، لأن تميزها خروج عن المألوف؛ ولا بد من خسائر مرادفة يجب أن تحدث في مكان ما على الأرض، إما في قلب رجل، أو في أوراق كاتب، أو في مصير أسرة، أو حتى في تاريخ دولة، إلى آخر فساد تنفثه في الأرض أنثى عظيمة ما». هكذا كانت الطريقة التي ساعد فيها الطبيب النفسي - في الرواية التي كتبها «المميز» محمد حسن علوان - مع حالة مريضه، المتيم بحب امرأة مميزة.
حسب ما يعتقد به الرجال في نموذج شخصية الرواية، فإن «عمق الهموم» صفة سيئة غير مستحبة في النساء، ومن كانت منهن سطحية التفكير ستكون الأفضل، وأكثر جلباً للسلام. وبناء على هذه الفكرة، فإن النساء عميقات التفكير صاحبات الرؤى، هن جالبات للهم ومسببات للتعاسة الأرضية. وللأسف نحن محاطون بالكثير من أصحاب هذا الرأي!
بالطبع «عمق التفكير» ليس صفة موروثة، بل هو إحدى الصفات المكتسبة التي يجتهد الإنسان كثيراً لتكون له؛ أتحدث هنا عن أمر إنساني مرتبط بالنساء والرجال، وعندما نطالب البشر بإبقاء موروثاتهم العقلية من دون بذل أي جهد لتحسينها، لأن التغيير سيذهب بهم للعميق، وذلك سيضر الأرض، فهذا هو قمة السطحية. ولنتخيل معاً شكل الحياة مع امرأة أو رجل تمر عليهما الحياة بقشورها ولا يريان فيها أبعد من أكف أيديهما؟ لا يدركان من الأشياء إلا شكلها، ولا من الأفعال إلا حركتها، ولا من الأسماء إلا حروفها؟ وما أبعد من هذا، أمر غير ذي جدوى لديهما، ولا يستحق التفكر! مجرد الوجود بقرب أناس كهؤلاء يذهب بالساعات والأيام والعمر إلى اللاشيء.